خسائر فاقت 192 مليار.. من يوقف نزيف «الهيئات الاقتصادية»؟
محمود أبو السعود
يؤكد الرئيس عبد الفتاح السيسي فى كل مناسبة علي ضرورة ترشيد الإنفاق والاستفادة من كل جنيه يتم إنفاقه فى أي مصلحة حكومية، وفي ظل سعي الرئيس لوضع مصر علي الطريق الصحيح من خلال تنفيذ مشروعات قومية أو تحسين صورة الاقتصاد المصري، تري علي الجانب الآخر خناجر تطعن في ظهر مصر، خسائر بالمليارات فى هيئات اقتصادية مباني مشيدة ومكاتب مفخمة والحصيلة خسائر بالجملة ولا نعرف ما السبب؟ ومن المسئول عن تلك الخسائر، أرقام صادمة كشفت عنها لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أثناء مناقشتها الحسابات الختامية للموازنة العامة للدولة 2019/2020 .
الحساب الختامي يكشف
وأظهر الحساب الختامي لموازنات الهيئات العامة الاقتصادية للعام المالي 2019-2020، تحقيق 14 هيئة من أصل 53 خسائر قدرها 22.6 مليار جنيه خلال السنة المالية المنقضية، تتصدرها هيئة السكك الحديدية بخسائر بلغت نسبتها 56% من إجمالي الخسائر، تليها "الهيئة الوطنية للإعلام" بنحو 36% من جملة الخسائر. فيما بلغ إجمالي الخسائر المرحلة عن الهيئات الاقتصادية نحو 192 مليار جنيه (نحو 12.2 مليار دولار) في 30 يونيو2020.
وبلغ إجمالى ما يؤول للخزانة العامة للدولة من الهيئات الاقتصادية نحو 133 مليار جنيه، فى حين أن الخزانة العامة للدولة قد دعمت الهيئات الاقتصادية بمبلغ 264 مليار جنيه، ليُصبح صافى العلاقة بين الخزانة العامة والهيئات الاقتصادية 131 مليار جنيه دعم من الخزانة العامة للدولة لصالح الهيئات الاقتصادية.
وبلغت المتاخرات الحكومية ومستحقات الحكومة لدى الغير كانت في ٢٠١٦ ٢٢٦ مليار أصبحت الآن ٤٣٨ مليار ويجب تشكيل لجنة لدراسة أنواع وبيان تحليلي لتلك المتاخرات والعمل على اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال تحصيلها.
وكشفت لجنة الخطة ووالموازنة بمجلس النواب عن انخفاض العائد على بعض الاستثمارات المالية لبعض الهيئات، فضلاً عن عدم وجود أي عوائد من البعض الآخر منها؛ من أهمها الهيئة المصرية العامة للبترول، وبلغت قيمة الإيرادات التي حققتها الهيئات العامة الاقتصادية في السنة المالية 2019/2020 نحو تريليون و175.4 مليار جنيه، مقابل نحو تريليون و205.8 مليار جنيه في السنة المالية 2018/2019، بانخفاض بلغ نحو 30.4 مليار جنيه بنسبة 2.5%، وقد مثلت الإيرادات التي حققتها بالترتيب: الهيئة المصرية العامة للبترول، الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، هيئة قناة السويس نحو 77.5% من مجمل الإيرادات التي حققتها الهيئات.
ما حققته الهيئات في العام المالي السابق
وحققت (32) هيئة في السنة المالية 2019/2020 تعادل نسبتها 64% من مجموع عدد الهيئات صافي ربح بلغ نحو 84.2 مليار جنيه مقابل نحو 69.7 مليار جنيه للسنة المالية 2018/2019 بزيادة نحو 14.5 مليار جنيه بنسبة 17.2%، وبلغ صافي ربح العام الذي حققته هيئة قناة السويس البالغ نحو 44.7 مليار جنيه، نحو 53.1% من مجمل صافي الربح الذي حققته الهيئات.
كما أظهرت أيضا تحقيق (14) هيئة في السنة المالية 2019/2020 ما يعادل نسبته نحو 39% من مجموع عدد الهيئات، خسائر بلغت نحو 21.5 مليار جنيه، بزيادة عن الخسائر التي تحققت في السنة المالية 2018/2019 البالغة قيمتها نحو 20.9 مليار جنيه بنسبة زيادة نحو 3%، وقد ترتب على ذلك زيادة قيمة رصيد الخسائر المرحلة للهيئات كنتيجة طبيعية لتحقيقها خسائر سنويًّا؛ حيث بلغت قيمتها 170 مليار جنيه مقابل نحو 150.3 مليار جنيه في 30/6/2019، وقد تبين للجنة عدم انعكاس مردود خطط التطوير الهيكلية والمالية والإدارية التي أقرتها مجالس إدارات بعض الهيئات في ظل تزايد خسائرها سنويًّا.
خسائر الهيئات القومية
وحققت بعض الهيئات خسائر طائلة أبرزها الهيئة القومية لسكك حديد مصر، حيث بلغت قيمة الخسائر التي حققتها في السنة المالية 2019/2020 نحو 12.7 مليار جنيه، والهيئة الوطنية للإعلام، حيث بلغت قيمة الخسائر التي حققتها في السنة المالية 2019/2020 نحو 7.6 مليار جنيه، وقد مثلت قيمة خسائر العام التي حققتها الهيئتان نحو 94.2% من مجمل خسائر العام التي حققتها الهيئات، وقد ترتب على ذلك أن زادت الخسائر المرحلة للهيئتين؛ حيث بلغت نحو 79.3 مليار جنيه بالنسبة إلى الهيئة القومية لسكك حديد مصر، و55.3 مليار جنيه بالنسبة إلى الهيئة الوطنية للإعلام، وبما يعادل 79% من مجمل الخسائر المرحلة لدى جميع الهيئات.
في هذا الصدد، دعت لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب غلى تشكيل لجنة لبحث أسباب الخسائر التي تتعرض لها تلك الهيئات الاقتصادية،.
كما طالبت بتشكيل لجنة من "الجهاز المركزي للمحاسبات" و"الهيئة العامة للرقابة المالية" لتولي إعداد الدراسات الفنية والمالية للاستثمارات المالية للهيئات الاقتصادية الخاسرة، سواء التي لا تدر أية عوائد مالية، أو تدر عائدا منخفضا لا يتناسب مع المبالغ المستثمرة فيها، أو يقل عن سعر الفائدة التي تتحملها عن القروض الحاصلة عليها لتمويل استثماراتها، وموافاة مجلس النواب بتقرير شامل عن أعمالها خلال ثلاثة أشهر على الأكثر.
خطة وموازنة البرلمان
النائب مصطفى سالم وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أكد أن هناك خلل تعاني منه تلك الهيئات، ولا بد من وضع دراسة تفصيلية عن أسباب الخسائر وضرورة معالجتها، فليس من المعقول أن تحقق 1 هيئة خسارة 192 مليار جنيه هيئة واحدة خسارتها 92 مليار.
وطالب سالم، الدولة بضرورة تشكيل لجان من الجهاز المركزي للحسابات والرقابة الإدارية ووزارة المالية لبحث تلك الكارثة التي تحدث داخل 14 هيئة اقتصادية وضرورة إيقاف مسلسل الخسائر المستمر فى تلك القطاعات التي تؤثر خسارتها علي موازنة الدولة ومن ثم الاقتصاد المصري.
ولفت سالم، إلى أن هناك جهات حصلت على منح وقروض من التخطيط ولم يستفاد منها وكان التقرير كارثي، وهنا لا بد من كحاسبة كل من حمل الدولة أعباء وتكاليف لم تغير شئ عن الواقع فى ظل توجيهات الرئيس السيسي بترشيد الانفاق والاستفادة من كل جنيه يتم إنفاقه.
ومن ناحيته، أكد الدكتور وائل النحاس الخبير الاقتصادي، أن الهيئات الاقتصادية التي تخسر منذ عشرات السنين تحتاج إلي هيكلة وغربلة لكل نشاطاتها حتي يتسني لنا معرفة الخلل المزمن الذي تحول إلي شبح يلتهم ميزانية الدولة كل عام، مؤكداً أن الهيئات الخاسرة تعاني من شيخوخة بسبب تراكم الخسائر عليها .
وطالب، النحاس، ضرورة تشكيل لجان فنية من المالية والجهاز المركزي والرقابة الإدارية لبحث الأزمة ومعرفة سبب تلك الخسائر، لأنها في الحقيقة وبدون مواربة تلك الهيئات أصبحت عبئاً علي الدولة، وليس هي فقط بل إن هناك شركات قابضة وشركات قطاع أعمال تخسر وما زالت حتي الآن موجودة تأكل موازنة الدولة كل عام.
وقال، الخبير الاقتصادي، إن تلك الخسائر السنوية مردها إلى غياب خطط التطوير الهيكلية والمالية والإدارية في "الهيئة القومية لسكك حديد مصر" و"الهيئة الوطنية للإعلام"، وما ترتب على ذلك من تزايد قيم الخسائر المرحلة لكل منهما
واشار إلى أن أغلب هذه الهيئات تعانى من أمراض مزمنة، كما أن الكثير منها يؤدى نشاطا خدميا ولا يُقدم أى نشاط اقتصادي مثل هيئة النقل العام بالقاهرة وهيئة التقل العام بالإسكندرية.
كما ان الكثير من الهيئات العامة الاقتصادية تعانى من مشكلات تخص التمويل والعمالة والإدارة مثل الهيئة الوطنية للإعلام “ماسبيرو”، لافتا إلى أن المشكلات والمديونيات المتراكمة التى تعانى منها غالبية الهيئات العامة الاقتصادية ربما تحتاج إلى سنوات طويلة لحلها.