«الشربيني وعباس».. غرامٌ لا انتقام
أتصور أن حدثته بها نفسه وطاردته لأيام ـ بعد حلفه اليمين الدستورية وزيرًا للإسكان في تشكيل حكومة الدكتور مصطفى مدبولي الجديدة يوليو الماضي ـ؛ بأن ها هي الفرصة قد جاءت «لرد الجميل»، أو «تكريم» الكفاءات من قيادات هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، ممن آمنوا به وتوسموا فيه الوصول لمقاعد القيادة يومًا من الأيام حتى أصبح أصغر وزير في تاريخ وزارة الإسكان.
(1)
في رمضان الماضي، أعد الدكتور وليد عباس مأدبة إفطار لعدد من رؤساء أجهزة المدن الجديدة، كان من بين الحضور المهندس شريف الشربيني ـ الذي كان ما يزال يرتدي خوزة رئيس جهاز العاصمة الإدارية الجديدة ـ، وكانت الأجواء السياسية والأخبار تشير إلى اقتراب موعد تغيير وزاري جديد.. ذكر أحد الحضور في «مأدبة الإفطار» أنه يتمنى أن تصدق الأخبار التي تُردد اسم الدكتور وليد عباس وزيرًا للإسكان، وتابع المهندس شريف الشربيني الأمنيات هو وكل الحضور من رؤساء الأجهزة، وأنه الأحق والأنسب والأفضل لشغل منصب الوزير، لما أحدثه من رأب للصدع وعودة للوئام والتعاون بين جدران هيئة المجتمعات العمرانية وما شهدته وزارة الإسكان من تطور في الأداء، وعقّب «عباس» على الأمنيات، قائلًا: إن هيئة المجتمعات ستواصل العمل مع القيادة الجديدة أو الحالية على قلب رجل واحد، وأن كل رئيس جهاز وزير في مدينته، وأن المصلحة العامة للوزارة والدولة هي هدف أصحاب التكليف والتشريف.
(2)
وزير هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة
أول أمس أصدر المهندس شريف الشربيني قرارًا وزاريًا بتكليف الدكتور وليد عباس ـ نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية للتخطيط والمشروعات والمشرف على مكتب الوزير ـ بالقيام بأعمال وظيفة النائب الأول لرئيس مجلس إدارة الهيئة، في عودة جديدة للمنصب الذي ظل غائبًا عن هيئة المجتمعات العمرانية لأكثر من 12 عام.
القرار يحمل في طياته عرفان وتقدير المهندس شريف الشربيني لقامة ومكانة وكفاءة الدكتور وليد عباس صاحب الأياد البيضاء على كل صاحب كفاءة وجد فرصته في شغل منصب داخل هيئة المجتمعات وأجهزة المدن التابعة، وتجمع «الشربيني» و«عباس» علاقة ود وتقدير وعرفان مهما اختلفت المناصب؛ فمرؤوس الأمس رئيس اليوم في دورة حركة تنقل الكفاءات بين مقاعد قيادة قطار وزارة الإسكان وخطط التنمية.
يعلم «الشربيني» ـ وأنا أعلم ـ ويعلم كل قريب ومتابع لشؤون وزارة الإسكان قدر ومكانة وما فعله «عباس» في فيما تشهده هيئة المجتمعات العمرانية حاليًا من طفرة في تنفيذ المشروعات الكبرى والقومية وتخطيط وتعمير المدن الجديدة؛ لذلك جاء قرار الوزير «الشربيني» باختيار «عباس» نائبًا أول ومن ثم إسناد أمر هيئة المجتمعات العمرانية كاملًا إليه والتفويض الكامل في اختصاصات الوزير في هيئة المجتمعات وهذه هي الترجمة الفعلية لمنصب «النائب الأول» الذي ينوب عن وزير الإسكان في إدارة شؤون هيئة المجتمعات العمرانية وأجهزتها، ما يتيح تفرغ الوزير لإدارة شؤون الوزارة مع الحكومة.
(3)
سموم الأفاعي
تلقف الخُبثاء، وأصحاب النوايا السيئة قرار الوزير شريف الشربيني بتكليف وليد عباس بمنصب النائب الأول؛ على أنه قرار بالاستبعاد، وفرمان رسمي بإنزال «عباس» عن مقعد القيادة وإدارة شؤون الوزارة معه، وأن الوزير ناكرًا للجميل، بائعًا للمعروف، وأن هذا القرار انتقام من قيادة مدت له ولغيره ـ في الوزارة وهيئة المجتمعات ـ يد العون والمساعدة، وأنها أصلحت ما أفسده اللواء السابق فترة إشرافه على مكتب الوزير.
يحاول الماكرين الخُبثاء، أن يطعنوا بسكين مسموم في جسد روابط الود والتقدير التي تجمع بين أكفأ قيادتين في وزارة الإسكان؛ مشككين في نوايا الوزير الحقيقية من القرار، ومرددين أن قرار «النائب الأول» سيكون بلا صلاحيات، وأنه كان يفكر بالإطاحة بـ«دكتور التخطيط» بعيدًا خارج أروقة هيئة المجتمعات والوزارة كلها، وأنه خشيَّ أن يسقط القناع عن وجهه فتظهر تشوهات النفس المريضة لو فعل مثل هذه الحركة الغادرة بشخص لم يلق منه إلى كل معاونة منذ أن كُلف بمنصب وزير الإسكان.
وللحقيقة؛ أشفق على وزير الإسكان، من مثل هؤلاء أصحاب النوايا الخبيثة وما يرددوه حول القرار، وأعلم أن «الشربيني» من أكفأ وأشطر القيادات الشابة الطموحة التي تزخر بها أجهزة المدن الجديدة، وأن تربيته لا تعرف مثل هذه الأمراض، وأن اختيار مدبولي له وزيرًا للإسكان كان صائبًا، وأنه يُعلي مصلحة وزارة الإسكان فوق الأطماع والأهواء وأحاديث «خفافيش الظلام»، وأن قراراته الأخيرة بإعادة هيكلة وترتيب الإشراف على مكتبه وقطاعات هيئة المجتمعات؛ بُنيت على المصلحة العامة واختيار الكفاءات وليس كما يردده المغرضون بأنه جاء بأصدقائه في المناصب الجديدة وبدأ تفكيك وتفتيت الحرس القديم والتخلص ممن يكبره خبرة وسنا، وأنه لن يصبح وزيرًا فعليًا للوزارة إلا بالتخلص من أسماء بعينها.
(4)
السير على الأشواك
خريج الهندسة المدنية ـ وصاحب الخبرة الواسعة الممتدة لأكثر من 20 عامًا قبل أن يصبح وزيرا الإسكان ـ يسير الآن على طريق مليء بأشواك التشكيك في نواياه وأفعاله وقراراته وحُسن إدارته لشؤون وزارة الإسكان؛ لا ينجيه من هذا الطريق إلا أن يُثبت للجميع أن تشوهات نفوسهم وأفكارهم المسمومة لم تنل من نفسه، وأن بدلة الوزير لم تأكل روحه، وأن قراراته أحسن فيها الاختيار، ووضع كل رجل مناسب في مكانه المناسب، وأنه يحفظ للرجال منازلهم، وأن اختياراته مبنية على أهل الخبرة وليس أهل الصُحبة والمقربين؛ ليعمل الجميع كالبنيان المرصوص في وزارة البناء والتعمير.