وزير الإسكان وأهل الثقة
تنعم وزارة الإسكان هذه الفترة ـ من وجهة نظري ـ بأزهى عصور التوهج والتكامل والتناغم الإداري منذ أن أمسك كفاءات شبابها بعجلة القيادة متوجهين بها نحو بوابات البناء والتنمية في مسيرة الجمهورية الجديدة بعد فترة اضطراب مرت بها، كانت مقاليد أمورها في يد شخص غير أمين عليها «لا هو من أهل الثقة ولا هو من أهل الخبرة»؛ وأقصد هنا: اللواء الأسبق الذي كان مُشرفًا على مكتب وزير الإسكان.
هذا التناغم والإنسجام بدأ بعد رحيل «العصابي» الأسبق ومحاولة ترميم ما خلّفه من آثار تدمير في ديوان عام الوزارة وهيئة المجتمعات العمرانية؛ بتكليف الدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان السابق لدكتور التخطيط «وليد عباس» بتولي الإشراف على مكتبه ـ إلى جانب عمله ـ وإعادة ترتيب البيت من الداخل ورأب الصدع ولم شمل الفُرقاء.
لم يكن اختيار «عباس» لهذه المهمة قائمًا على اختيار «أهل الثقة» فقط؛ وإنما جمع الاختيار بين الخبرة والكفاءة والثقة، ووضِعت ثقة «الجزار» هذه المرة في مكانها الصحيح بعد أن أخفق في جولة الثقة الأولى مع ضابط الشرطة السابق الذي كان سببًا رئيسيًا في رحيله عن الوزارة في تشكيل الحكومة السابق.. بعدها بزغت شمس قيادة شباب هيئة المجتمعات العمرانية للوزارة.
وقد يخطئ البعض ممن يهاجمون اختيارات «أهل الثقة» لإدارة مناصب القيادة وتكليفات المهام الحساسة، وأرى أنه لا إدارة بدون «ثقة» وأهل ثقة؛ شرط أن توضع الثقة في محلها من أصحاب الكفاءة والخبرة، وكل الخيبات في الوزارات والفشل والتراجعات وكل أمور سيئة تحدث سببها «خيانة الثقة»، فسوء الاختيار في العمل، والإدارة، والتخطيط، والتفكير، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، كلها صور من خيانات الثقة، حتى أولئك ممن هم أصحاب الخبرة لا يُنجحونَ عملًا إذا تجردوا من المفهوم الكامل لحسن الثقة.
رئيس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، أحسن عندما وضع ثقته في شاب من كفاءات هيئة المجتمعات لتولي حقيبة وزارة الإسكان، مانحهُ الفرصة ليثبت للجميع «أن أبناءها قادرين على تولي زمام أمورها».. ولم تكن أيضًا ثقة رئيس الوزراء مجردة من معايير الخبرة في الاختيار، فقد سبق للمهندس شريف الشربيني إدارة شؤون 3 مدن من أكبر المدن الجديدة الموجودة، ما أكسبه خبرة كبيرة في القيادة لتحقيق أهداف الدولة ومصلحة شعبها.
وفرحت وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات وأجهزتها بهذه المرحلة الجديدة في القيادة، فعلى رأس التدرج الوظيفي للوزارة مهندس شاب طموح يجمع بين الثقة والخبرة، ويأتي بعده في المهام دكتور مهندس من ذوي الثقة والخبرة، فاجتمعا لها الحُسنييْن في الإدارة والمسيرة.
وسنة الحياة التغيير، لا منصب يدوم، ولا كرسي يبقى أبد الدهر لمن يجلس عليه، ومن حق كل قائد أن يأتي بمن يقودون معه من أهل الثقة والمقربين؛ شرط أن تتوافر فيهم ما أسلفنا في الفقرات السابقة من معايير اختيار أهل الثقة، فكل رئيس له مرؤوسين ينسجم في العمل معهم ويحققون سويًا الأهداف المرجوة، وهذا ما فعله وزير الإسكان في اختيار المهندس أحمد عبد الرازق مشرفًا على مكتبه، فقد عملا معًا في جهاز مدينة العاصمة الإدارية الجديدة ـ رئيسًا ونائبًا ـ وفهما كل منهما «دماغ الآخر»، ويعلم أنه الأنسب لهذه المهمة، فالاختيار جاء تحت شعار ترتيب البيت وفق ما يخدم المرحلة ووفق ما يُكسب الوزير ثقته في نفسه باختيار رجال إدارته.
تغييرات وهيكلة وزير الإسكان الأخيرة لقطاع مكتبه وقطاعات هيئة المجتمعات العمرانية تعكس الرؤية التكاملية لأسلوب الإدارة والعمل الجماعي والاستفادة من ذوي الخبرة والثقة كلٌ في مكانه الصحيح، فتصعيد الدكتور وليد عباس لمنصب النائب الأول لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة رغبة كاملة من الوزير في تمكين صاحب الخبرة الكبيرة في إدارة قطاعات الهيئة بحكم اختصاصات منصب النائب الأول بعيدًا عن الأمور التنظيمية لمكتب الوزير التي تولاها المهندس أحمد عبد الرازق، فاستطاع بذلك توظيف كل منهما في المكان الأصح لتنطلق مسيرة الإسكان في طريق البناء والتنمية.
اقرأ أيضا:
«الشربيني وعباس».. غرامٌ لا انتقام