ورحل فارس الصحافة النبيل.. وداعاً مكرم محمد أحمد
محمود أبو السعود
«شيخ الصحفيين» كما يلقبونه، كاتب كبير وفارس الكلمة، وكان يطلق عليه النقيب القوي نظراً لمتانة علاقته مع الدولة فى عهد مبارك، كاتباً وطنيًا وقيمة كبيرة، أفنى عمره في خدمة الصحافة المصرية، وشارك في معارك الوطن في فترات عصيبة طوال تاريخه الصحفي الذي يضعه في صدارة الكتاب والمفكرين المخلصين الذين وقفوا مساندين للدولة المصرية.
صاحب المقولة الشهيرة «أنا عرقت في المهنة عرق يوزنكم.. وبعد 50 سنة في الصحافة لم أخرج إلا ببدلتي!».
مولده وبداياته:
ابن محافظة المنوفية ولد في مدينة منوف 25-06-1935م وحصل على ليسانس الآداب قسم الفلسفة جامعة القاهرة عام 1957، بدأ عمله الصحفي محررا بصحيفة الأخبار ثم مديرا لمكتب الأهرام بالعاصمة السورية دمشق، ثم مراسلا عسكريا باليمن عام 1967 ورئيس قسم التحقيقات الصحافية بالأهرام وتدرج حتى وصل لمنصب مساعد رئيس التحرير ثم مديرا لتحرير الأهرام، وفي عام 1980 شغل منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال ورئيس تحرير مجلة المصور ونقيب الصحافيين من عام 1989 حتى عام 1991 ومن عام 1991 حتى عام 1993.، كما تولى مقعد الأمين العام لاتحاد الصحفيين العرب، وفي عام 2007 خاض المعركة الانتخابية في منافسة رجائي الميرغني نائب رئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط وحصل فيها على 70% من أصوات الناخبين البالغ عددهم 3582 صحافياً مصرياً في دليل على حب الصحفيين له لدفاعه المتواصل عن قضاياهم.
شهرته:
اعتبر أحد أهم الكتاب والصحفيين في مصر والعالم العربي وأمضى سنوات حياته منذ التحاقه بصحيفة الأهرام فى نهاية الخمسينيات وصولا لمدير تحريرها قبل نقله لرئاسة مجلس إدارة دار الهلال وتحرير المصور عام 1980، وامتلك المميزات التى يجب أن تكون فى الصحفى والكاتب المتميز من كتابة الخبر وإجراء الحوار والتحقيقات وصولا للمقالات، وحقق شهرة واسعة بخبطاته الصحفية وانفراداته المهمة وكان مقربا من رؤساء مصر ومنهم بصفة خاصة الرئيس مبارك، ولم يهادن أحدا بل كان ينحاز للمهنة والصحفيين جميعهم يدافع عنهم بعكس ما يروجه كارهوه المعروفة انتماءاتهم والذين يكرهون أى شخص يساند وطنه ويكشف مؤامراتهم.
مواقفه:
أراؤه الوطنية جعلته في مرمى الهجوم من جماعة الإخوان الإرهابية ، حيث وقف ضد الجماعة بكل قوة قبل وفي أثناء وبعد استيلائها على حكم مصر، ما دفع محمد مرسى إلى أن يذكره بالاسم خلال المؤتمر الذى عقده يوم 26 يونيو 2013 وكان يتحدى فيه دعوات الشعب لثورته العظيمة فى 30 يونيو، ولم يرتعد خلال مشواره المهني وكان متمسكا بمواقفه الوطنية ولم يخش قول الحق فى وجه حاكم جائر ونظام فاشستى متآمر، اشتهر عبر مشواره المهني الذي امتد لأكثر من 60 عامًا، باتخاذ مواقف واضحة وانحيازه لحرية الرأي والتعبير.
فارس الصحافة النبيل والمقاتل الشريف في بلاط صاحبة الجلالة، وأحد أعمدة "الأهرام" الذين كانت لهم بصمات واضحة ومسيرة حافلة بالعطاء والإنجازات، وظل يكتب في الأهرام عبر عموده اليومي الشهير "نقطة نور".
وهو أول رئيس للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والذي أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، قرارًا بتشكيله في أبريل 2017، استنادًا إلى نص قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام رقم 92 لسنة 2016، طبقًا للدستور 2014، وقام بوضع بعض الضوابط لضبط المشهد الصحفى والإعلامى من حالة الفوضى فى ذلك الوقت، ويعد من أشهر رواد مهنة صاحبة الجلالة في مصر والشرق الأوسط، عرف عنه ولعه الشديد بالعمل الصحفي وشغفه لممارسة هذا الدور وغيرته على المهنة،عرف عنه تمسكه برأيه والدفاع عنه مهما كلف الأمر، ورغم الاتفاق أو الاختلاف مع أرائه إلا أن كتباته تشهد له بالمهنية والمصداقية، واعتبر مهنة الصحافة "إنها مهنة عظيمة، ورسالة حقيقية من أجل خير الإنسان وتقدمه".
شارك في الحياة السياسية بمقالاته وكتاباته، حيث كان أول من يدخل سيناء بتصريح من الأمم المتحدة قبل جلاء القوات الإسرائيلية بشهرين، وساهــم في أول مراجعــة لأفـكار الجمـاعة الإسـلامية عنـدما التقى بقيادتهم لأكـثر من أربـع أسابيع في سجــن العقرب مما تسبب في تعرضه لمحاولة اغتيال على يد المتطرفين عام 1987م، كما كان أيضاً عضو في مجلس الشورى لأكثر من أربع دورات متتالية.
كتبه
تبلورت أفكاره في مجموعة من الكتب والمؤلفات، ومن أبرز إصداراته كتاب عن الثورة في جنوب الجزيرة، وكتاب عن أحاديث مع الإسرائيليين، وكتاب حوار مع الرئيس، وكتاب حوار أم مواجهة عن مراجعات الجماعات الإسلامية، بالإضافة إلى كتاب القدرة النووية المصرية- التحديات وأسباب الإخفاق، ونال عددا من الجوائز والتكريمات خلال مشواره الصحفي.