انهيار الجنيه...8 أزمات اقتصادية عصفت به
تعرض الاقتصاد المصري في السنوات القليلة الماضية، لعدد من الصدمات المتتالية أثرت بشكل كبير سعر صرف الجنيه في سلة العملات ، سواء لجهة الظروف والأوضاع الداخلية وكذلك ارتدادات الأزمات الإقليمية والدولية، والتي جعلته يواجه تحديات هائلة في مسعى للتعافي والخروج من أزمته الراهنة وإيجاد فرصة لحل الأزمات، وعلى رأسها أزمة السيولة الدولارية، وجميعها عوامل دفعت إلى خفض تصنيف مصر الائتماني من قبل وكالات التصنيف الرئيسية.
ونستعرض في التقرير التالي أبرز تلك الأزمات:
1- كورونا
واحدة من أبرز التحديات التي واجهها الاقتصاد المصري كانت تداعيات جائحة كورونا، حيث أثرت الإجراءات الاحترازية والاغلاقات على الأنشطة الاقتصادية وتدني حجم الاستثمارات والتجارة الخارجية بشكل واسع.
2- الحرب الروسية الأوكرانية
أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد المصري تمثلت في :
- ارتفاع الفاتورة الاستيرادية من السلع الغذائيّة والزيت الخام ومشتقاته إزاء عدم انتظام سلاسل الإمداد الدولية، وارتفاع الأسعار العالمية للسلع الأساسية، والتي تتصاعد معها تكلفة تمويل هذه الاحتياجات الاستيرادية حال اشتداد العجز التجاري واللجوء إلى الاقتراض من الأسواق الدولية بأسعار فائدة مرتفعة.
- تزايد عبء الاقتراض الدولي لتمويل المُكوّن الأجنبي للمشروعات التنموية التي يجري تنفيذها في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي، وتزداد هذه الأعباء مع ارتفاع أسعار الفائدة، ولاسيما بالنسبة للتعاقدات التي تتم على أساس أسعار فائدة متغيرة تشهد اتجاها تصاعديا.
- يرتبط بالضغوط التضخّميّة الناجمة عن التضخّم المُستورد وانتقاله للأسعار المحلية Pass through Effect ، وما يتم اتخاذه من سياسات نقدية تقييدية برفع أسعار الفائدة، بهدف احتواء التضخّم، بجانب تحرير سعر الصرف لتحفيز تدفّقات الاستثمارات الأجنبية للبلاد.
- ينجم عن التأثير السلبي لارتفاعات أسعار الفائدة العالمية على اتجاهات تحرك الأموال الساخنة، ممثلة في استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومي، وفي استثماراتهم في البورصة المصرية بوجه عام.
- يتعلّق بتأثير الاتجاهات التضخمية وارتفاعات أسعار الفائدة حال استدامتها وتعميقها للركود التضخمي، وما يترتب على ذلك من تبعات سلبية على تدفقات الاستثمار، وعلى أداء القطاعات الاقتصادية الرئيسة التي يرتبط نشاطها بشكل مباشر برواج بعض المعاملات التجارية الدولية وارتفاع مُعدّلات النمو الاقتصادي.
3 - شح الدولار
أسباب مشكلة الدولار تتعلق بدفع الحكومة تكلفة توفير بعض الخدمات بالدولار، فيما تباع في السوق المحلي بالجنيه.
ومصر تنفق مليار دولار شهريا على السلع الأساسية مثل القمح والزيوت النباتية، ومثله على الوقود.
وتواجه مصر تحديات اقتصادية كبيرة، وأظهر استطلاع لوكالة رويترز، أن الاقتصاد المصري سينمو بوتيرة أبطأ من المتوقع سابقا مع تراجع الجنيه وتقلص القوة الشرائية نتيجة ارتفاع التضخم وتداعيات الحرب في غزة على المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية في البلاد.
4- التضخم
تسببت التوترات الجارية في الشرق الأوسط وتعطل حركة الشحن في البحر الأحمر ، في مزيد من التضخم بمصر بالإضافة للتوترات الجيوسياسية المتزايدة “خاصة في الشرق الأوسط”.
هذه الاضطرابات الحالية دفعت لإرتفاع أسعار الطاقة وتكاليف الشحن على المدى القريب وشخ الخامات والإستيراد والتصدير.
وسجل معدل التضخم السنوي في المدن المصرية، الذي بلغ 33.7 بالمئة في ديسمبر، مستويات قياسية منذ يونيو.
وبحسب بيانات البنك المركزي الشهر الماضي، تباطأ الاقتصاد المصري مسجلا نمو 2.9 بالمئة في الربع الثاني من عام 2023 مقارنة بمعدل نمو 3.9 بالمئة في الربع الأول
5- تخفض تصنيف مصر الائتماني لـ"سلبية"
في وقت سابق من يناير الجاري، أشار تقرير إلى أن بنك "جيه بي مورغان" يعتزم استبعاد مصر من مؤشرات السندات بالعملة المحلية. ورغم أن حصة البلاد لا تتجاوز 0.6% من مؤشر السندات الحكومية بالأسواق الناشئة العالمي المتنوع التابع للبنك، فإن التحديات الحالية ستجعلها أقل جاذبية بالنسبة للمستثمرين الأجانب، مما يؤدي إلى نزوح أكبر لرأس المال.
من جانبها، ذكرت "بلومبرغ" الأسبوع الماضي أن الحكومة المصرية أوشكت على التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لزيادة حجم حزمة الإنقاذ.
فيما تقترب مستويات الديون المقومة بالدولار من معدلات مثيرة للقلق.
ومع وصول معدل التضخم إلى نحو 34% على أساس سنوي، يتطلب الوضع الحالي تنفيذ تغييرات في السياسة النقدية لجذب المستثمرين مرة أخرى للاستفادة من عوائد أذون الخزانة لأجل شهر والتي تحوم حالياً حول 24%.
6 - حرب غزة
أثرت الحرب في غزة على السياحة، وهي مصدر رئيسي آخر لإيرادات الاقتصاد،رغم تراجع الرهانات القوية على خفض قيمة العملة، فإن التوترات المستمرة في الدول المجاورة لمصر تهدد بخفض أكبر في قيمة العملة مما تشير إليه السوق الآجلة للجنيه المصري مقابل الدولار.
ويبلغ سعر صرف الدولار في السوق السوداء الآن ضعف مستواه الرسمي في البنوك تقريباً.
وقالت "موديز" إن هذا قد يؤدي إلى احتياج البلاد لإجراءات أكثر صرامة لإعادة توازن الاقتصاد الكلي، بما يفوق السيناريو الأساسي لبلاد
7 -تراجع إيرادات قناة السويس 44%
قال رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع إن إيرادات القناة تراجعت 44% في يناير الجاري مقارنة بشهر يناير 2023 البالغة 802 مليون دولار. وجاء ذلك على خلفية انخفاض عدد السفن المارة عبر الممر الحيوي تجنباً لهجمات الحوثيين جنوب البحر الأحمر.
قناة السويس، التي تُعتبر أقصر طرق الشحن البحري بين أوروبا وآسيا، تشكّل إيراداتها أحد مصادر مصر الرئيسية للعملات الأجنبية التي تشتد إليها الحاجة في هذه الفترة.
أوضح ربيع أن الإيرادات السنوية للقناة بلغت 10.25 مليار دولار في 2023، وفي حال استمرار الوضع، فإن الإيرادات "ستتأثر بشدة" في العام الحالي.
سجّلت إيرادات قناة السويس خلال العام المالي 2023/2022 ارتفاعاً بنحو 25% على أساس سنوي، حيث بلغت 8.8 مليار دولار مقارنةً بـ7 مليارات في العام المالي السابق، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.
مصر تعاني من تراجع إيرادات قناة السويس وسط التوترات السياسية
أدت الهجمات التي تشنها جماعة الحوثيين على السفن إلى صعود تكاليف الشحن البحري، وأوقفت أكبر شركات الشحن في العالم -مثل "إيه بي مولر ميرسك" (A.P. Moller - Maersk) و"هاباغ-لويد" (Hapag-Lloyd AG)- مرور سفنها عبر البحر الأحمر، رغم أن سلوك مسار رأس الرجاء الصالح أعلى تكلفة وأطول وقتاً، مما سيرفع أسعار السلع والبضائع على المستهلكين حال استمرار الرحلات الأطول.
وحالياً، هناك أكثر من 500 سفينة حاويات كانت تبحر في العادة عبر البحر الأحمر من وإلى قناة السويس، لكنها أصبحت مضطرة لإضافة أسبوعين لمسار سفرها حول رأس الرجاء الصالح بالجزء الجنوبي من أفريقيا، بحسب شركة "فليكسبورت".
ويشكل هذا ربع سعة شحن الحاويات في العالم تقريباً، بحسب منصة الخدمات اللوجستية الرقمية
8 - أزمة البحر الأحمر تهدد مشتريات أذون الخزانة المصرية
من المرجح أن تظل أذون الخزانة في مصر، التي كانت جذابة فيما مضى لمستثمري الأسواق الناشئة، غير مفضلة لفترة أطول، وفق بلومبرغ.
فبسبب الصراع في البحر الأحمر، تراجعت إيرادات الدولة من قناة السويس بسبب إعادة توجيه السفن بعيداً عن الممر المائي الحيوي، وهو مصدر مهم للعملة الأجنبية.
وتشير تقديرات خبراء الاقتصاد إلى أن هذا الاضطراب كلف مصر نحو 150 مليون دولار حتى الآن ،وهذا ليس مبلغاً بسيطاً بالنسبة لاقتصاد تبلغ قيمته 400 مليار دولار وفي حاجة ماسة إلى بناء احتياطيات من العملات الأجنبية.