رسالة دكتوراه بجامعة المنصورة توصي بتوسيع اختصاص المحكمة الدستورية
أوصت رسالة الدكتوراه المقدمة من الباحث أحمد فاروق عبد الله السيد بعنوان " تنامي دور السلطة التنفيذية في مجال التشريع دراسة مقارنة" والتي تم مناقشتها اليوم بكلية الحقوق جامعة المنصورة بتوسيعُ اختصاصِ المحكمةِ الدستوريَّةِ المصرية لتُراقبَ التَّعديلاتِ الدستوريَّةَ رَقابةً إجرائيَّةً وموضوعيَّةً سابقةً، وكذا رقابةُ كافةِ مشروعاتِ القوانينِ رَقابةً سابقةً من ناحية الشَّكل فحسب، بعد أنْ تبيَّنَ أنَّ مُعظمَ التَّشريعاتِ - حتَّى التَّعديلاتِ الدستوريَّةِ - يتقدَّمُ بها حزبُ الأغلبيَّةِ الخاضعُ للسُّلطةِ التنفيذيَّةِ أو الأخيرةُ نفسُها، مع الأخْذِ بالدَّعوى الأصليَّةِ إلى جانبِ الطُّرُقِ الثلاثة الأُخرى للوصولِ إلى المحكمةِ الدستوريَّة العُليا، مع وضعِ ضماناتٍ لعدمِ إساءةِ استعمالِ هذا الحقِّ، وأهمُّ تلك الضَّوابطِ استنفادُ الطَّعنِ لوسائلِ الإنصافِ القانونيَّةِ المُتاحة والأخذُ بالنظريَّةِ الحديثةِ للإدارةِ، وتقنين هيْمنةِ السُّلطةِ التنفيذيَّة، مع التَّأكيدِ على اختصاصِ المُشرِّعِ بتنظيمِ الحُقوقِ والحرِّياتِ الأساسيَّة.
كما أوصت الرسالة بمعالجةُ العوارِ الدستوريِّ الذي يتمثل في إغفالِ النَّصِّ في الدُّستورِ المصريِّ الحاليِّ على إنشاءِ مُوازنةٍ مُستقلَّةٍ لمجلسِ النوَّاب، وهو ما ينالُ من الاستقلالِ العضويِّ للمجلس، وعدمُ الاكتفاءِ بالنصِّ عليها في قانونِ مجلسِ النوَّابِ الصَّادرِ بالقانونِ رَقْم ٤٦ لسنةِ ٢٠١٤.
وقررت اللجنة منح الباحث درجة الدكتوراه في الحقوق بتقدير جيدا جدا وأشادت لجنة الاشراف والمناقشة بالرسالة وجهد الباحث ، وتكونت لجنة المناقشة من الأستاذ الدكتور صلاح الدين فوزي محمد استاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة المنصورة وعضو العليا للإصلاح التشريعي وعضو المجمع العلمي المصري رئيسا والأستاذ الدكتور وليد الشناوي استاذ القانون العام وكيل كلية الحقوق جامعة المنصورة مشرفا وعضوا والمستشار الدكتور طارق شبل نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا عضوا . وتوصلت الرسالة إلى عدد من النتائج المهمة أبرزها : تمتَّعُ السُّلطةُ التنفيذيَّةُ بسُلطاتٍ تشريعيَّةٍ شبهِ مُطلقةٍ في الظروفِ الاستثنائيَّة، ممَّا أدَّى إلى اختلال التوازُنِ بين السُّلطتَيْنِ التنفيذيَّةِ والتشريعيَّةِ، وغدت نظريَّةُ الضَّرورةِ من أهمِّ روافدِ المشروعيَّةِ الاستثنائيَّة، ومن خلالها امتلكتْ السُّلطةُ التنفيذيَّةُ سُلطةَ التشريع كشرٍّ لا بدَّ منه ، كما توصلت إلى أن جائحةُ كورونا أسفرتْ عن أنَّ الدولةَ القوميَّةَ هي الدرعُ الواقي الأوحدُ لمُواطنيها، كما أشارت النتائج إلى أن استقلالُ البنكِ المركزيِّ ليس غايةً في ذاته ما لم يُحافِظْ على استقرارِ الدَّولة، فنمذجةُ تجارِبِ استقلالِ البنوكِ لن تُفلحَ إذا عُمِّمَتْ في كلِّ الدول، طالما أنَّها لم تأتِ من لَدُنْ واقعٍ اجتماعيٍّ وسياسيٍّ واقتصاديٍّ مُشخَّصٍ لا مُتخيَّل، وارتبطَ وتفاعلَ وأثَّرَ وتبادلَ التأثيرَ مع مُعطياتٍ وحيثيَّاتٍ دائمةِ الحركة تنفردُ بها كلُّ دولة، وتتميَّزُ بها عن الأخرى، حتَّى الديمقراطيَّةُ نفسُها ليست مخطوطةً مُقدَّسة، وإنَّما هي اتِّجاهاتٌ وصياغاتٌ مُتعدِّدة، تتَّسعُ وتَضِيقُ وترتبطُ بهُويَّةِ وخصوصيَّةِ كلِّ أمَّة، فما يصلُحُ في دولة ما؛ ليس بالضَّرُورةِ أنْ يصلحَ في مصر، والعكسُ بالعكسِ.