مصر ومرحلة توطين الصناعات
«صنع في مصر» جملة حلوة نحتاج إلى تذوق حلاوتها على ألسنتنا، أن نُطرب بها آذاننا، ونستعيد بها ثقتنا في أنفسنا وفي إمكانياتنا وإمكانيات دولتنا بأننا نستطيع أن نكون دولة صناعة قوية تتنافس بمنتجاتها المتنوعة في الأسواق الخارجية.
القيادة السياسية رفعت شعار توطين الصناعات المصرية المختلفة ففي فترة كان حلم الدولة المصرية زيادة حجم الإنتاج البترولي ليغطي الاستهلاك المحلي، وظهرت بعد الكشوف البترولية وعلى رأسها كشف حقل ظهر والذي ينتج 2.7 مليار قدم غاز يوميًا،هذا الاكتشاف وضع مصر بقوة على خريطة تصدير الغاز وبدأت مصر في مرحلة تحقيق الاكتفاء والتصدير.
في القطاع الصناعي، استطاعت مصر جذب العديد من الاستثمارات الاجنبية، بعد تحسين المناخ الجيد للاستثمار واتخذت خطوات عملية نحو توطين العديد من الصناعات، وطرقت مصر في مرحلة التوطين الحالية أبواب صناعات عدة، ففي مجال تكنولوجيا المعلومات رأت الحكومة ضرورة توطين صناعة «التابلت» وبدأت الخطوة ، بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية؛ خاصة في ظل اعتماد منظومة التعليم الجديدة على استخدامه وتطور أداء الامتحانات بالجامعات والمدارس نحو الامتحان الإلكتروني والاعتماد على التابلت.
لم يكن التوطين من أجل خدمة قطاع التعليم وإنما سعت الدولة أيضًا لتوطين صناعة الحواسب، بالتعاون بين شركة Dell، بمركز نظم المعلومات والحواسب التابع لوزارة الانتاج الحربي، وشركة بنها للصناعات الإلكترونية.
(2)
منذ سنوات أنتجت مصر أول هاتف محمول يحمل شعار «صنع في مصر» هاتف محمول باسم «سيكو» التابع للشركة المصرية لصناعات السيليكون «سيكو مصر» وأقيم المصنع التكنولوجي بالصعيد وسُوقت منتجاته إلى دول أوروبية.
كانت لصناعة الجرارات وعربات القطارات خطتها في مصانع شركة «سيماف» التابعة لوزارة الإنتاج الحربي بعد توقيع اتفاقية لتحديث مصنع سيماف وبقية خطوط الصناعة بالمصنع حتى يكون قادرًا على تصنيع عربات القطار الكهربائي السريع والمونوريل عقب أن بدأت مصر في تحديث منظومة النقل والطرق السريعة التى غيرت وستغير شكل الحياة، علاوة على تدريب الكوادر الفنية والهندسية المصرية في دول متقدمة في هذه الصناعات مثل الصين وألمانيا وروسيا والإطلاع على التقنيات الفنية الحديثة تمهيدًا لتوطين هذه المشروعات في مصر.
(3)
الرئيس عبد الفتاح السيسي بدت رؤيته واضحة نحو توطين الصناعات وكانت تعليماته شرارة بداية توطين صناعة السيارات، ليتحول الدور المصري من التجميع إلى التصنيع ومن استيراد مكونات السيارات إلى تصنيع سيارة كاملة من أجل الدخول في مرحلة أن تكون مصر مصدرة لدول الجوار.
واقتحمت مصر مجال الكيماويات بقوة، بهدف توطين صناعة أكسيد الهيدروجين فى مصر والمستخدم فى صناعة المنسوجات والورق والمنسوجات الغذائية، واستغلال غاز الهيدروجين الناتج من صناعة الكلور.
ومن الأرض إلى الفضاء كانت خطة غزو الفضاء حاضرة أمام الحكومة المصرية وكانت خطوة البداية بإنشاء وكالة الفضاء المصرية، والسعي لإقامة شراكات دولية خاصة مع الصين وروسيا لتوطين صناعة الاقمار الصناعية بمصر.
ولأن نهضة الشعوب في صحتها تأسست مدينة الأدوية لتوطين صناعة الدواء ومواجهة أزمة نقصه، وهو ما دفع القيادة السياسية إلى العمل على توطين بعض الأدوية الهامة، بالتعاون مع أذرع الدولة للإنتاج الدوائي والشركات التابعة لها، في تصنيع الأنسولين ومشتقات البلازما، وإنشاء عدد من مراكز تجميع البلازما، وإنشاء مصنع مشتقات البلازما.
صناعة الأثاث كان لها نصيب من خطة الدولة نحو توطين الصناعات فلعقود سابقة تركزت أكبر صناعات الأثاث بمدينة دمياط، حيث يتم إنتاج أكثر من 50% من صناعة الأثاث بها، لتخدم السوقين المحلي والعالمي، وتم العمل على إنشاء مدينة الأثاث بمدينة دمياط الجديدة، بحيث تضم المنطقة الصناعية 2400 ورشة صغيرة ومتوسطة، و75 مصنعا، وتوفر المدينة الجديدة 100 ألأف فرصة عمل مؤقتة و30 فرصة عمل دائمة.
(4)
هناك صناعة الغزل والنسيج التي توطنت لعقود حتى تسعينيات القرن الماضي، بمدينة المحلة الكبرى، والتي اتسمت بجودة صناعة الغزل والنسيج، وتصدير المنتجات القطنية للخارج، وصناعة الجلود بمدينة الروبيكي والتي نقلت من منطقة المدابغ بوسط القاهرة إلى مدينة بدر، وبدأت تجني ثمارها في توفير صناعة متكاملة للجلود والدباغة وتصدير منتج تام الصنع.
صناعات كثيرة بدأت مرحلة توطينها في عدد من المحافظات باستغلال الأنسب لطبيعة كل محافظة وما تتميز به، ومازالت مصر تستطيع أن توطن صناعات عدة تنقلها نقلة حضارية مختلفة بين صفوف دول الإنتاج والصناعة والتصدير.