هل ما زال الاتحاد الإفريقي حياً في مفاوضات سد النهضة؟
محمود أبو السعود
هل الاتحاد الإفريقي ما زال حياً في مفاوضات سد النهضة؟ سؤال يحتاج إلى إجابة في ظل معطيات لم تؤدي إلى نتائج مثمرة منذ عشرة سنين هي مدة المفاوضات بين مصر والسودان من جانب وإثيوبيا من جانب آخر، وسلطات دولية ومجلس أمن ورعاية أمريكية وروسية وإفريقية وما زال الطريق إلى الحل مسدود!! تتمسك إثيوبيا بوساطة الاتحاد الإفريقي ولا ترى غيره أحق برعاية تلك المفاوضات فما الذي أحدثه مشاركة الاتحاد الإفريقي في وساطة المفاوضات بين مصر وإثيوبيا؟.
في القمة ٣٢ لدورة الاتحاد الإفريقي، وجه الرئيس السيسي الشكر إلى رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، على جهوده في إطار رعاية المفاوضات الثلاثية الساعية للوصول إلى اتفاق فيما يتعلق بملء وتشغيل سد النهضة، أثناء رئاسة بلاده للاتحاد.
وأشار إلى حرص مصر الشديد لحل هذه المسألة من خلال المفاوضات الجادة، بما يعزز الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة، لافتا إلى أنه على ثقة في قدرة الاتحاد الأفريقي- تحت قيادة الرئيس تشيسيكيدي- في المساهمة في دفع مساعي بلاده الرامية للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، قبل تنفيذ المرحلة الثانية من عملية ملء سد النهضة، وبما يراعي مصالح وشواغل الدول الثلاث.
قمة الاتحاد الأفريقي
يأتي ملف سد النهضة كأحد الأولويات على رأس القضايا التي تهتم بها الدورة الحالية، التي تعقد على مدار يومين، بعدما دخلت المنظمة في الأزمة كوسيط ودعمتها الأمم المتحدة خلال جلسة لمجس الأمن الدولي في يونيو 2020.
وتجمدت المفاوضات بين أطراف الأزمة (مصر والسودان وإثيوبيا)، عقب فشل جولة المحادثات الأخيرة في الشهر الماضي، وتبادل الاتهامات بإفشال المفاوضات.
وتأتي موضوعات عديدة يناقشها زعماء الدول الأفريقية في هذه الدورة، تتمثل في أزمة وباء كوفيد - 19 باعتبارها أولوية قصوى، وكذلك الصراع في جمهورية أفريقيا الوسطي والصومال، وقضية إقليم تيجراي في إثيوبيا، والمرحلة الانتقالية في السودان، والأزمة الليبية، ومنطقة الساحل الأفريقي.
دور الاتحاد الأفريقي في أزمة سد النهضة
قام الرئيس الجديد لدورة الاتحاد الأفريقي، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيليبس تشيسكيدي، بزيارة إلى القاهرة، وتعهد بالبدء في العمل على استئناف مفاوضات سد النهضة تحت مظلة الاتحاد الافريقي، معربا عن "تفاؤله بالتوصل الى نتيجة عبر الحوار السلمي بين الأطراف جميعا".
وفي نهاية يونيو 2020 عقد رئيس جنوب أفريقيا، جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، قمة مصغرة، شارك فيها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، ورئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، والرئيس الكيني أوهورو، كينياتا ورئيس الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسيكيدي، ورئيس مالي، إبراهيم بوبكر كيتا، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي.
ونتيجة الاجتماع، أعلن الاتحاد الأفريقي في بيان أن "90% من القضايا المتعلقة بالمفاوضات سبق وأن تم حلها"، مطالبا "الدول المعنية بالامتناع عن أي تصريح أو فعل من شأنه أن يعقد أو يقوض العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي والرامية إلى إيجاد حل مقبول للقضايا العالقة".
وشدد الاتحاد على أن "ملف سد النهضة بات في عهدته وأنه سيتم إعداد تقرير مرحلي ورفعه في غضون أسبوع إلى الرئيس رامافوزا"، مشيرا إلى أن "المجلس التنفيذي للاتحاد سينعقد مجددا خلال ورحبت أديس أبابا بمبادرة الاتحاد الأفريقي، مؤكدة أن "القضايا الأفريقية يجب أن تجد حلولا أفريقية"، وذلك بعد تحفظها على تدخل أطراف أخرى في النزاع، لا سيما بعد محاولة وساطة قامت بها الولايات المتحدة، بناء على طلب مصر، وانتهت في فبراير بالفشل.
ودعا الاتحاد الأفريقي إلى جولة جديدة في بداية أغسطس 2020 عبر تقنية "فيديو كونفرانس"، بحضور مراقبين دوليين من الولايات المتحدة الأمريكية وأعضاء من الاتحاد الأوروبي ومكتب الاتحاد الأفريقي برئاسة جنوب أفريقيا. وركزت الجولة على التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن ملء السد وتشغيله برعاية الاتحاد الأفريقي ورئاسة جنوب أفريقيا وبمشاركة وزراء الرى من إثيوبيا ومصر والسودان.
وأكد وزير الرى والموارد المائية السوداني، ياسر عباس، أن "الوفد السودانى أجرى مشاورات واسعة خاصة بعد التداعيات السلبية لبدء ملء السد دون تشاور مسبق".
وشدد الوفد السودانى على أن التحرك المنفرد قبل التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث قد اعاد طرح المخاوف في حال تكراره وتحديدا فيما يتعلق بالتأثيرات البيئية والاجتماعية لسد النهضة على المزارعين على ضفاف النيل الأزرق وسلامتهم".
ورحب السودان بالتقرير الإيجابى الذى قدمه الخبراء معتبرا أن مقترحات الحلول التى قدمها التقرير يمكن أن تمثل أساسا لاتفاق مرضى للأطراف الثلاثة.
اجتماعات مستمرة
وفي الأول من فبراير 2021، أكد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقيه، أهمية استمرار التنسيق لحلحلة أزمة سد النهضة الإثيوبي، بعد أن تعثرت المفاوضات مؤخرا.
وخلال لقائه الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي في القاهرة، استعرض الجانبان المفاوضات الثلاثية برعاية الاتحاد الأفريقي. وشددا على "أهمية استمرار التنسيق المكثف للعمل على حلحلة الموقف والوصول إلى اتفاق عادل ومتوازن بشأن هذه القضية الحيوية”، بحسب بيان الرئاسة المصرية. وفي لقاء ثان جمع فقي بوزير الخارجية، سامح شكري، أكد الأخير على "استعداد مصر الدائم للانخراط في مفاوضات جادة وفعالة من أجل التوصل إلى اتفاق ملزم في أسرع وقت حول قواعد ملء وتشغيل السد".
إثيوبيا تواصل الكذب
واتهمت إثيوبيا مصر والسودان، بعرقلة اتفاق سد النهضة، معتبرة أن سياستها مرنة جدا خلال المفاوضات. وقال وزير المياه والري الإثيوبي، سليشي بقلي، َ إن " القاهرة والخرطوم تتخذان مسارا يعطل المفاوضات التي تسعى إثيوبيا إلى إنهائها بشكل مرض لجميع الأطراف".
ولفت بقلي، خلال مؤتمر صحفي في أديس أبابا، إلى أن بلاده "ليست معنية بالفشل في التوصل إلى اتفاق بشأن أزمة سد النهضة خلال الجولات الماضية، التي كان يرعاها الاتحاد الإفريقي".
وكشف عن أن "الأعمال الهندسية في بناء السد وصلت 91%، بينما بلغت نسبة البناء الكلية 78.3%"، مشيرا إلى أن "إثيوبيا ستبدأ عملية الملء الثانية لسد النهضة خلال الأشهر القليلة المقبلة".
وبدأت إثيوبيا بناء سد النهضة في 2011 معتبرة أنه إنجاز تاريخي كأكبر سد كهرمائي في القارة الأفريقية، من خلال قدرة تبلغ ستة آلاف ميغاوات، لكن مصر والسودان تعتبران هذا المشروع بأنه تهديد لأمنهما ودعتا المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي للتدخل.