مليار جنيه سنوياً خارج حسابات الحكومة.. «البقشيش» بيزنس وصاحبه غايب
محمود أبو السعود
"فين البقشيش" كلمة تسمعها كثيراً فى الشارع المصري، وعليك الدفع دون تفاوض وليس علي سبيل الصدقة، وظائف فى مصر لا مثيل لها خارجها، اقتصاد موازي يعمل في صمت، تمثل هذه الوظائف ما لا يقل عن مليار جنيه سنوياً من اقتصاد البقشيش في مصر، حامل الكلينكس، سايس الركنة، فراش المكتب، عامل الأسانسير، عائلات ترتزق من ورائها تدير دولاب حياتها اليومى و لكنها كلها وظائف "كده و كده" يظن صاحبها أنه يعمل و يظن من يعطيه أنه يكافئه على هذا العمل.
لكن لاقتصاد البقشيش تداعيات اقتصادية واجتماعية مختلفة، فهو يضر أكثر مما ينفع، رغم أن “رسم البقشيش” يشكّل مبالغ وأرقام مالية خيالية، غير أنها لا تظهر في الإيرادات الحكومية، وقد تُستغل لاحقاً خارج إطار القانون، مما يعيق من إمكانية تحقيق نفع عام، ويخلق “اقتصاداً موازياً” لا تضبطه قوانين، فاقتصاد البقشيش، هو “عالم موازٍ” له أسراره وقوانينه وألغازه، والخطورة تكمن في استمراره.
«المؤشر» يستعرض أبرز أصحاب اقتصاد "البقشيش" في مصر..
سائس السيارات
يظهر دون سابق إنذار عند الخروج بالسيارة من الجراج، ولسانه يردد كل سنة وانت طيب يا بيه، وعلي الفور يجب إخراج محفظة النقود للدفع للركين.
كشاف السينما
"ما هى وظيفة كشاف السينما؟": "اقعدوا هنا.. كل سنة وأنت طيب يا بيه" كشاف السينما وظيفة ليست مستحدثة وإنما هي وظيفة قديمة منذ عشرات السنين وهي من ضمن اقتصاد البقشيش الذي يبحث عن تقنين.
عامل الحمام
صدق من قال "دخول الحمام مش زي خروجه"، حيث أخرج كل مرة من الحمام ورأسي مثقلة بالتفاصيل التى لم ارغب يوماً فى معرفتها عن عاملة الحمام وإبنها الذى يحتاج لعملية وزوجها الذى طلقها لأنه "أبن ... أوي"، وجيبي أخف بسبب إعطائها كل العملة الموجودة فيه، إما تعاطفاً مع عملية إبنها، أو لأحصل على بعض من المناديل لتنشيف يدي، بالرغم من أنها من المفترض أن تضع هذه المناديل بالمجان!!
البواب مع كل طلب
لا أمانع إعطاء البواب بعضاً من البقشيش عند نقل أشياء ثقيلة لى، أو فتح باب الأسانسير، ولأنه طبعاً شاهد فيلم "البية البواب" ولديه طموح بالتحول لأحمد ذكي فى عز جبروته. ولكن السؤال الذى حير ملايين المصريين: "لماذا يجب أن يحصل البواب على بقشيش فى كل مرة يشترى طلبات فيها؟" بالرغم من أن هذه هي وظيفته أصلا التى يؤجر عليها.
الجرسون
قد يكون إعطاء بقشيش لمقدمى الأكل فى المطاعم شيء معروف حول العالم، ولكن فى أم الدنيا الأمر مختلف، لأن هناك بقشيش لمن يعطون لك الشيشة، وآخر لمن يقدم لك الفاتورة، وثالث لمن يفتح لك باب المطعم، وقد تقابل المزيد منهم، وتضطر لإعطائهم بقشيش أيضاً، فى مقابل وجبة سعرها أرخص من كل هذا البقشيش".
الدليفري
عامل الدليفري واحد من أبرز أصحاب بيزنس البقشيش ويعد من الركائز الأساسية لتكريس منظومة البقشيش.
دون أجور أو تأمينات
يعملون في هذه المهنة دون أجور أو تأمينات أو مميزات أخرى يتمتع بها من حصل على وظيفة حكومية أو حتى خاصة، حيث إنهم قرروا التخلي عن كل ذلك مقابل "لقمة العيش" التي لم تتوفر لهم سوى في هذه المجالات التى ربما يكون بعضها غير آمنة لهم، فيقفون طوال اليوم في انتظار "بقشيش"، الذي ربما لا يأتي بينما أصحاب الأعمال وجدوا في حاجة هؤلاء للعمل فرصة للتهرب من استحقاقات المرتبات والتأمينات وأجبروا الراغبين في العمل على القبول بالقشيش راتبا ودخلا مستغلين ضغوط الحياة التى يقع تحت وطأتها العديد من شرائح الشباب الباحثين عن فرصة عمل. وعلى الرغم من ذلك فهو اقتصاد مستتر تحت غطاء كلمة البقشيش ويحمل الدولة عبد كبير.