ويل «ناصر» من الأب عتّمان والأم حفيظة!
قالوا عن مشكلتهم معه: « إنه رجل بلا رذيلة، مما يجعله من الناحية العملية غير قابل للتجريح، فلا نساء، ولا خمر، ولا مخدرات، ولا يمكن شراؤه، أو رشوته، أو حتى إخافته، نحن نكرهه ككل، لكننا لا نستطيع أن نفعل تجاهه شيئا، لأنه بلا رذيلة وغير قابل للفساد»، تلك كانت كلمات الأمريكان على لسان «يوجين جوستين» ضابط المخابرات المركزية الأمريكية عن الزعيم التاريخي جمال عبد الناصر.. فما مشكلة الحكومة والبرلمان المصري معه؟!.
وكان ديفيد بن جوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل، يقول: «كان لليهود عدوان تاريخيان هما فرعون فى القديم، وهتلر فى الحديث، ولكن عبد الناصر فاق الاثنين معا فى عدائه لنا، لقد خضنا الحروب من أجل التخلص منه حتى أتى الموت وخلصنا منه»، وأقول: كان لـ«عبد الناصر» عدوان تاريخيان، هما اليهود والأمريكان وأضيف لهما اليوم مجلس النواب المصري!.
لا يتصور عاقل أو مجنون ما يحدث مع إرث «عبد الناصر»، بل مع إرث أمة بأكملها، يُعاد تشويه تاريخها ومحو ذاكرتها دون مبرر مقبول؛ غير حقيقة واحدة توقن بها العقول وتراها الأعين وتأبى أن تصدقها القلوب، وهي: «أن اليهود يتوغلون ويحققون انتصارات خفية على الأراضي المصرية بأيدي عرّابي العرب من أبناء الخليج»، فما آمن به «عبد الناصر» يُكفر به الآن، وما تبقى مما بناه يُباع بلا مزاد أمام العيان وبمباركة البرلمان، حتى اسمهُ طاله التبديل بحجة التطوير وبأنه يقف حجر عثرة أمام الانطلاق نحو الجمهورية الجديدة.
ثريان وعقيمان هما الأبُ عتمان والأمُ حفيظة، استجلبا يتيمين من شوارع المحروسة، وبما أن «الورق ورقهم والدفاتر دفاترهم» نسبا اليتيمين لهما حتى كبرا ودخلا البرلمان المصري، ومن هنا سار كل «لقيط» على نهج «الأب عتمان» و«الأم حفيظة» في التغيير والتبديل بسلطة التحكم في «الورق والدفاتر» وتبعية الموافقة.
في مارس 1965 افتتح جمال عبد الناصر «أكاديمية ناصر العسكرية العليا»، بأهدافها، ودراساتها، وخططها، وتطلعاتها المستمرة بكفاءة عالية حتى الآن، ولا أعرف، كيف يسمح أبناء القوات المسلحة بالمساس باسم رمز من رموز المؤسسة العسكرية والوطن العربي؟، كما لا أتصور، كيف يقف اسم «ناصر» عائقًا أمام تطوير منظومة الدراسة بالأكاديمية؟!، وربما نكون نحن الأغبياء من الشعب غير قادرين على استيعاب الحكمة الإلهية والفلسفة المستقبلية من تغيير الاسم، كما لم نستوعب من قبل الخير الذي فاضت به «بحيرة ناصر» عندما تغيّر اسمها إلى بحيرة السد العالي بعد رفع «إصبع الوسطى» في يد الموافقة البرلمانية من قبل.
والمتأمل كلمات دفاع «المصري» وكيل لجنة الدفاع والأمن بمجلس النواب عن استبدال مسمى أكاديمية ناصر العسكرية، يصاب بالدهشة والحيرة من قوله: «إن القوات المسلحة تستهدف تغيير القوانين واللوائح التي تعوق المسار الرامي إلى استخدام أسلحة حديثة وكليات حديثة وإنشاء معاهد ووضع استراتيجيات شاملة للعلوم لمواكبة العصر»، وكأن اسم الرجل الذي بنى مصر الحديثة بالفعل وترك المصانع والمعاهد والأكاديميات أصبح هو العائق أمام مواكبة العصر!.
وتضحك إلى حد البكاء والرثاء على ما آل إليه الحال وأنت تسمع كلمات «الراشد الشريف» رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن وهو يقول: «يجب أن يتذكر الشعب المصري الدور الذي تقوم به القوات المسلحة، لاسيما ونحن نقترب من الاحتفال بذكرى 30 يونيه، وأن المسمى يتواكب مع المسميات العالمية، والاسم الجديد هو الشامل، وكل زعماء مصر السابقين تحفظهم القلوب ولا تحفظهم الأوراق والمسميات»!، وهل ينكر مصريًا عاقلًا أو مجنونًا يا «شريف» دور القوات المسلحة وفضل خير أجناد الأرض في حفظ هذا الوطن وسلامة أراضيه؟!.
وختامًا، أقول لك يا سيدي الرئيس جمال عبد الناصر بعد ما وصلك النبأ في مرقدك تحت الثرى: لا تحزن.. فبرلماننا المصري الأصيل يرى «أن فلسفة التعديل تهدف لتطوير منظومة الدراسة بالأكاديمية وإعطاء إمكانيات وصلاحيات في أداء هذا الصرح»، واسمك وفعلك وذكرك أصبح عائقًا أمام المطورين العقاريين.