وجوه رمضان 1| طارق لطفي.. 30 سنة والموهبة تنضج على مهل
في عام 1994، عندما قرر المخرج السينمائي عاطف الطيب إخراج أغنية أنغام الشهيرة "شنطة سفر" بطريقة الفيديو كليب، اختار وجهًا جديدًا في عالم التمثيل، ليكون الموديل الرجالي أمام المطربة صاحبة الصوت الرائق.
في الكليب الذي بدا أنه فيلم روائي قصير، ظهر طارق لطفي شابًا بهيئة التسعينيات، بشارب وملامح مرتبكة أمام محاولات حبيبته لإثنائه عن السفر للخارج.
كان "طارق" حتى ذلك العام شارك في أعمال تلفزيونية وسينمائية بأدوار صغيرة، منها دور في فيلم "دماء على الأسفلت" مع عاطف الطيب عام 1992، إلى جانب مشاركته في الجزء الرابع من العمل الدرامي الأشهر "ليالي الحلمية".
كانت تلك بداية مميزة لن تتكرر في عالم الفيديو كليب للممثل الموهوب، خريج معهد الفنون المسرحية عام 1990، والذي سيخوض التجربة تلو الأخرى حتى يقتنص فرصته الثمينة بعد سنوات طويلة أمام المشاهدين.
اقرأ أيضًا: شريهان.. أثر «الفراشة» لا يزول
في نفس العام، 1994، ظهر طارق لطفي في مسلسل "العائلة"، قصة الكاتب الراحل وحيد حامد، وفيه جسد شخصية "مصباح"، وهي شخصية شاب فقير ضعيف يقع في فخ أفكار دينية متطرفة، وضعها المؤلف للتحذير من انتشار هذه النزعة في أوساط الشباب داخل المجتمع المصري.
إذا سحبنا خيط شخصيات طارق لطفي منذ ذلك الدور في منتصف التسعنينيات، فإننا سنتصل في نهاية الطرف الآخر إلى شخصيته البارزة في رمضان هذا العام، وهي "رمزي" في مسلسل "القاهرة كابول للمؤلف عبد الرحيم كمال، وهي مفارقة أثارت مقارنات شيقة بين الدورين الذي ارتدى “عباءة التطرف” مرتين بينهما سنوات من العمر والخبرة.
متطرف "تابع" في مقابل متطرف "أمير"، دور صغير في مقابل دور بطولة، وجه جديد في مقابل ممثل مخضرم متمكن.. هكذا يتجلى تطور مسيرة صاحب الـ56 سنة.
ينتمي طارق لطفي إلى فئة من الممثلين تدرك أهمية وعي الفنان وثقافته في الانعكاس على دوره، هو تربية الأباء المؤسسين لصنعة الدراما المصرية في التسعينيات وبدايات الألفية الجديدة.
نظرة على أسماء من عمل معهم ستثبت ذلك: من المخرجين: عاطف الطيب، إسماعيل عبد الحافظ، نور الدمرداش، أحمد صقر، مجدي أبو عميرة. ومن الكتاب: أسامة أنور عكاشة، وحيد حامد، محمد جلال عبد القوي، ومدحت العدل.
اقرأ أيضًا: منحل يملكه البطل.. كيف استعان مسلسل «لعبة نيوتن» بعسل النحل دراميًا؟
تأسس طارق لطفي جيدًا وسط هؤلاء الكبار، وبدأ مسيرته من مسلسل بارز هو "الوسية" عام 1990، كما كان عنصرًا في سينما الشباب، ورغم أنه لم يلمع كنجم أو بطل أوحد بين كبار فن التمثيل من الأجيال التي سبقته وعمل معها، فإنه اختزن كل خبراته إلى اللحظة التي واتته فيها الفرصة كاملة.
بدأت هذه اللحظة قبل 6 سنوات تحديدًا، عندما تصدر طارق لطفي أفيش عمل فني بمفرده، في مسلسل "بعد البداية" عام 2015، ثم استثمر هذه القفزة وثقة المنتجين والجمهور في العام التالي بمسلسل "شهادة ميلاد" 2016، ومن بعده مباشرة "بين عالمين" 2017، ثم بدا أنه توقف في منتصف السلم.
في عام 2019، شارك طارق لطفي في بطولة جماعية لتجربة إنتاج فيلم رعب مصري هو "122"، لم يكن لها المردود الجماهيري الأفضل، وحدث صمت فني للفنان “القادم من الخلف”.
اقرأ أيضًا: رامز جلال..10 سنوات من مقالب «أكتر شراني في مصر»
غير أن طارق لطفي لم يكن مختفيًا كما توقع البعض، إذ كان يربي لحيته لأشهر طويلة استعدادًا لدور سيكون حديث الجميع بعد أكثر من عام.. دور “رمزي” في مسلسل “القاهرة كابول” ذروة النضج الفني لموهبة طارق لطفي إلى الآن.
وعلى أفيش العمل، كان “طارق” في موقع يستحقه تمامًا، يتوسط 4 فنانين لكلُ منهم اسمه. ينظر الأربعة إلى جانب الصورة يمينا ويسارا، و”لطفي” في المواجهة مباشرة، نظراته حادة وقوية، وإصبعه المهدد ينم عن شراسة شخصية على النقيض تمامًا في التفاصيل النفسية من “مصباح” متطرف مسسلسل “العائلة” قبل أكثر من 25 سنة.