خالد العناني .. تُرجمان آثار مصر وحارسها

09:55 م - الثلاثاء 20 أبريل 2021

خالد العناني وزير السياحة والآثار

لمدة 12 دقيقة تقريبًا اصطحب الدكتور خالد العناني الرئيس عبد الفتاح السيسي، في جولة سياحية داخل المتحف القومي للحضارة، قبيل قدوم موكب المومياوات الملكية؛ قدم خلالها وزير السياحة والآثار عرضًا رائعًا لمقتنيات القاعة المركزية، دون تلكؤ أو«أداء روتيني».

كان خالد العناني متمكنًا مما يفعل، تلك مهمة ليست سهلة بالطبع؛ أن يتحول الوزير إلى «المرشد السياحي الأول» للدولة مرافقًا رئيس الجمهورية، وربما تمثل مثل هذه المهام سقطة لكثير من المسئولين.

لكن «العناني» قام بالأمر على أكمل وجه؛ كان يتحرك بين «فاترينات العرض» بمرونة، ينتقل من شرح إلى آخر بسلاسة، اختياراته لما شرحه لرئيس الجمهورية بدت في محلها تمامًا، وبدلًا من أن تبدو الجولة السياحية رفيعة المستوى ـ تلك فقرة روتينية في مثل هذه الافتتاحات ـ قدمت ملخصًا جذابًا لزوار المتحف في اليوم التالي، لا سيما أن صوت «العناني» كان مسموعًا للجميع.

يبدو خالد العناني بالنظرة الأولى من هؤلاء الذين يُقال عنهم «ابن ناس كويسين»، أنيقًا وبسيطًا في آنٍ واحد، يتحدث الفرنسية بطلاقة، لكنه يدرك قيمة اللغة العربية وأهميتها، نجده في زيارات تفقديه لمعالم أثرية جنوب مصر مرتديًا زيًا «كاجوال» أو قميصًا وبنطالًا كلاسيكيين، ممسكًا بزجاجة مياه في يده، متنقلَا بين آثار الحضارات المختلفة، ليقدم بين الحين والآخر «وصلة إرشاد سياحي» للسائحين الأجانب.

واقع الأمر، ومن خلال قراءة سيرته الذاتية، ورصد جهوده في وزاة الآثار منذ 2016، ثم «السياحة والآثار» منذ 2019 إلى الآن، ندرك ببساطة أنه لو لم يكن خالد العناني مرشدًا سياحيًا؛ لاختار أن يكون كذلك. هذه هي مهنته الأثيرة، تشعر أنه يليق بها وتليق به، من أجلها ضحى بحلم «الهندسة »الذي راوده كثيرًا ليسير على خطى والده ابن مدينة الزقازيق بالشرقية.

في أواخر الثمانينيات، وتحديدًا عام 1988، تخرج خالد العناني من مدرسة الليسيه الفرنسية، بمجموع 89.5 %، «علم رياضة». المجموع كان يؤهله بسهولة للالتحاق بكلية الهندسة، إحدى كليات القمة في مصر ذات «البريستيج» الاجتماعي والمستقبل المضمون.

لكن خالد العناني اختار أن يكون مرشدًا سياحيًا متأثرًا بما سمعه من أقارب وجيران، ورغبته في السفر على «حِس» المهنة. كانت صدمة ودهشة للكثيرين بالطبع، وصلت إلى أساتذة قسم الإرشاد السياحي بكلية السياحة والآثار جامعة حلوان، عندما تقدم خالد لـ«الانترفيو» الخاص بدخول القسم.

خالد العناني من مواليد 1971، واحتفل بعيد ميلاده الخمسين في 14 مارس الماضي، هذا الرقم المميز سيرتبط عنده بالطبع بالعام الذي أخرج فيه وزير السياحة والآثار الحدث الفخم، ذا المكاسب المتعددة، وهو موكب المومياوات الملكية من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط.

في «سي في» خالد العناني، كانت البداية الأكاديمية من عمله معيدًا في قسم الإرشاد السياحي بكلية السياحة والفنادق جامعة حلوان بعد أن كان «الأول على الكلية»، ثم مدرسًا مساعدا، ثم أستاذًا بدكتوراه في علم المصريات، وأصبح رئيسًا للقسم في 2011، كما حصل على زمالة الدكتوراه في فرنسا.

كفاءة خالد العناني وشغفه بالمتاحف والآثار أهَّله لعدة مناصب في الخارج، منها عضوية معهد الآثار الألماني في برلين، والمعهد الفرنسي للآثار الشرقية، كما عمل أستاذًا زائرًا بجامعة بول فاليري مونبيليه بفرنسا، وألقى محاضرات وفصولا دراسية في جامعات عدة في بريطانيا وإيطاليا وألمانيا وسويسرا.

أشرف خالد العناني على المتحف القومي للحضارة في عام 2014، وبعدها بعام أصبح أيضا مشرفًا على المتحف المصري بالتحرير، وفي عام منحته فرنسا وسام «فارس» الرفيع في الفنون والآداب.

قبل 5 سنوات، في 23 مارس 2016، تكلل هذا العمل الدؤوب والشغف بالآثار عندما أدى خالد العناني أمام رئيس الجمهورية اليمين الدستورية، وزيرًا للآثار في حكومة شريف إسماعيل.

من الجامعة إلى الوزارة جاء خالد العناني، دون «عوامل مساعدة» أو حسابات سياسية، فقط عمله وجهده، الذي تواصل في الحقيبة الوزارية الصعبة، إلى أن تجددت فيه الثقة ليصبح مسئولًا عن حقيبتي السياحة والآثار بعد دمجهما في وزارة واحدة منذ 22 ديسمبر 2019.