الأسواق العشوائية.. «ورم خبيث» في رأس سكان أكتوبر ومسؤولي الجهاز
منى أحمد
إذا سألت الباعة: لماذا تخالفون وتسببون الإزعاج والمضايقات في الشوارع للمواطنين والساكنين، يقولون: وما ذنُبنا.. نريد أن نأكل عيش ونربي أولادنا وننفق على أسرنا.. وإذا سألت المواطنين والساكنين، يردون: وما ذنبنا في قلة راحتنا ومضايقتنا في الدخول والخروج إلى منازلنا وإزعاجنا ليل نهار.. وإذا سألت المسؤولين يقولون: وماذا نفعل أكثر مما نفعل.. نطاردهم في الشوارع ونصادر عرباتهم ونزيل مخالفاتهم وبعد انصرافنا يعودون إلى سيرتهم الأولى.
مشكلة الأسواق العشوائية والباعة الجائلين المتمركزين بالشوارع وعلى الأرصفة باتت الداء المزمن والصداع القائم في رأس سكان ومسؤولي مدينة ٦ أكتوبر على حد سواء.. السكان يُلقون باتهامات التقاعس وعدم إيجاد حلول جذرية على المسؤولين وأصحاب القرار.. والمسؤلون يبررون بأنه ليس في الإمكان أكثر مما كان.
تشهد مدينة ٦ أكتوبر انتشارا واسعا للأسواق العشوائية على المحاور الرئيسية والأحياء السكنية بها، والتي تحولت لساحات لبيع منتجات وسلع وأغذية مجهولة المصدر، دون وجود رقابة وما يترتب عليها من سرقات للتيار الكهربائي واستيلاء وتدمير للأرصفة والمسطحات الخضراء وضوضاء.
أثار وجود الأسواق العشوائية بالمدينة غضب السكان، وتعالت أصواتهم مطالبين جهاز مدينة ٦ أكتوبر بإزالتها والقضاء عليها حفاظا على المظهر الحضاري للمدينة وعلى الصحة العامة للمواطنين ولمنع الاستيلاء على الشوارع وازدحامها وتعطيل الحركة بها، موجهين أصابع الإتهام بالتخاذل لمسئولين جهاز مدينة ٦ أكتوبر بفشلهم في القضاء على الأسواق العشوائية المنتشرة بالمدينة وخاصة بمحور جمال عبد الناصر، ومحور الكفراوي أمام مسجد أبو بكر الصديق، ومسجد عماد راغب الذي تحول لسوق لبيع الخرفان، ومسجد الخلفاء الراشدين، والأسواق العشوائية المنتشرة بالحى الثاني عشر بجوار سنتر الفرج، وبالحى السادس، متسائلين: هل يعقل أن يقوم الجهاز بشن حملة على سوق عشوائي ثم يعود السوق للعمل في نفس اليوم؟!.
السكان: مش عارفين نمشي ولا ننزل من العمارة .. والمدينة تحولت لعشش
أبدى سكان المدينة استيائهم ورفضهم لوجود الأسواق العشوائية التي يديرها الباعة الجائلين في ميادين المدينة والمحاور الرئيسية، يقول أحد سكان المدينة: أسكن في الحى الـ١٢ أمام مدرسة زويل، حيث تم إنشاء سوق خضار عشوائي بجوار سنتر الفرج، وتحولت المنطقة الهادئة لسويقة تحتوي على عربات كارو وعربات نقل لبيع الخضار مزودة بميكروفونات، «مش عارف أمشي ولا أنزل من عمارتي ولا أرتاح ولا أنام»، والضرر الواقع علينا كسكان كبير، وحاولنا مرارًا التحدث معهم لتوضيح مدى الضرر الواقع علينا ولكن دون فائدة، ناهيك عن انتشار الحشرات كالذباب نتيجة عدم التزامهم بنظافة المكان، متسائلا: «هل ذنبي إنهم مش لاقيين شغل.. فييجوا يقلبوا منطقتي لضوضاء وزبالة؟».
يعد شارع الأخبار بالحى السادس من أكثر المناطق الممتلئة بالأسواق العشوائية في المدينة، وتعرض على أرصفته مختلف المنتجات والسلع غير المرخصة.. آيات عبد القادر، إحدى الساكنات بالشارع، أبدت استيائها من المنظر العام واصفة إياه بالسئ، حيث انتشرت به العشش الشعوائية التي يستحوذ عليها تجار الخردة والسيراميك، بالإضافة إلى السوق العشوائي الذي يتم التجهيز له عند مدرسة الطلائع أمام المطافي، وأعربت عن أسفها لما وصلت إليه مدينة ٦ أكتوبر التي ترى أنها تحولت إلى قرى وعشش، قائلة: «إحنا عايشين في كفر ٦ أكتوبر مش مدينة ٦ أكتوبر».
شكوى سكان مدينة ٦ أكتوبر مستمرة من انتشار الأسواق العشوائية، واحتلال المساحات أمام العمارات السكنية من الباعة، واصفين الوضع بتعريض حياتهم للخطر وتهديد أمنهم وسلامتهم في ظل غياب الرقابة أو أى صور من صور النظام، مؤكدين أن الفوضى باتت تعم جميع الأحياء منذ سنوات رغم تعاقب مسئولي الجهاز، إلا أن الوضع يزداد سوءًا يوما بعد يوم، مستشهدين على ذلك بالمظهر العشوائي في مدخل المدينة بداية من الدائري الأوسطي مرورا بالواحات وطريق الفيوم الذي يتردد عليه يوميا أعدادا لابأس بها من المواطنين، وينتشر به مخالفات جمة ما بين تعدٍ على أملاك الدولة، وسرقات للتيار الكهربائي، واستيلاء وتدمير للأرصفة وانتشار مكثف للباعة الجائلين الذين ينصبون الخيم في الشوارع ويعرقلون حركة المرور، موجهين أصابع الإتهام بالتقاعس وعدم القدرة على إيجاد حلول لمسئولي الحى السادس ومعاوني ونواب رئيس جهاز مدينة ٦ أكتوبر، ما جعلهم يناشدون وزير الإسكان بالتدخل للقضاء على كافة مظاهر العشوائية بالمدينة بعد إخفاق جهاز المدينة في بترها.
جهاز ٦ أكتوبر: رفض الباعة تنفيذ باكيات لتطوير الأسواق على المحاور بمبالغ رمزية
بدوره كان لجهاز مدينة ٦ أكتوبر رد على إتهامات التقصير في التصدي لظاهرة الأسواق العشوائية، فأكد المهندس إسلام عادل رئيس لجنة الإزالات بجهاز تنمية مدينة ٦ أكتوبر، أن الجهاز لا يألوا جهدًا في مجابهة الأسواق العشوائية وأن تحويل الأراضي الخالية على المحاور الرئيسية وداخل الأحياء السكنية لأسواق عشوائية لبيع الخضروات وغيرها أمرا ليس بالجديد على المدينة، مشيرًا إلى أنه في فترة وجود المهندس شريف الشربيني على رأس جهاز مدينة ٦ أكتوبر في الفترة من ٢٠١٩ إلى ٢٠٢١، انتشر الباعة الجائلون في شوارع ومحاور المدينة، ورغم حملات الإشغالات اليومية، إلا أن الباعة الجائلين كانوا يتعمدون تعريض حياتهم للخطر أثناء حملات الإزالة، وتم تقديم مقترح بتوفير قطعتى أرض على محور الكفراوي أمام مسجد أبو بكر وعماد راغب ولإنشاء باكيات للباعة بحق انتفاع مقابل مبالغ رمزية، مؤكدًا أن الباعة رفضوا مقترح التطوير لعدم رغبتهم في الدفع، وكان ردهم: «إحنا هنعمل الباكيات بنفسنا.. ومش هندفع فلوس غير للكهرباء بس»، الأمر الذي وافق عليه المهندس شريف الشربيني، مضيفًا: أن الفترة القادمة ستشهد اتخاذ إجراءات صارمة ضد الباعة الجائلين وسيتم تطوير الأسواق العشوائية واستبدالها بأسواق حضارية.
تحرك برلماني تجاه ظاهرة الأسواق العشوائية بالمدينة
شكاوى المواطنين وصلت إلى نواب دوائرهم الانتخابية، فتقدم النائب هشام حسين في أكتوبر الماضي بطلب إحاطة لمجلس النواب بشأن انتشار الأسواق العشوائية في أكتوبر وخاصة بالحى السادس، مخاطبًا المهندس عادل النجار رئيس جهاز تنمية مدينة ٦ أكتوبر عن الظاهرة قائلًا: انتشار الباعة الجائلين في عدد كبير من مناطق أكتوبر أصبح ظاهرة تتطلب البحث عن إيجاد حلول لاسيما في ظل ما تسببه من أزمات للمارة والسكان، فالباعة الجائلين يعملون بدون أي ضوابط أو رقابة، فضلا عما يسببه انتشارهم من حالة إزعاج وتعطيل حركة المرور وتعدد شكاوى المواطنين منهم. وكان رد المهندس عادل النجار أمام اللجنة المحلية بالنواب: بأنه جارٍ تنفيذ سوق في الحى السادس بجوار مركز الشباب بتكلفة ٢٦ مليون جنيه، ونبذل كل الجهود الممكنة ونتخذ الإجراءات اللازمة للقضاء على أى مخالفات أو مظاهر عشوائية.
منذ إعلان جهاز المدينة عن تخصيص أرض لإنشاء سوق متكامل ونقل الباعة الجائلين إليه؛ يؤكد السكان أنه لم يتم اتخاذ أى إجراء سوى وضع لافتة مدون عليها «ملكية الأرض للجهاز»، ولم يتم البدء في أية أعمال إنشائية تخص السوق المزعوم.
الأسواق العشوائية خطر يهدد الصحة العامة
ولأن الأسواق العشوائية خطر يهدد الصحة فقد حذر الدكتور أمير زهر المفتش الصحي، من مخاطر افتراش الأرصفة بالسلع والخضروات والفاكهة وتعرض المنتجات للتلوث وتأثيرها على الصحة المواطنين لافتقارها اشتراطات الوقاية والنظافة وكونها سببا في انتشار الأمراض المتعددة. ويظل مسلسل الأسواق العشوائية عرضا مستمرا حتى يتم إيجاد الحلول الجذرية التي تقضى على الظاهرة التي يراها الباعة: أنها وسيلة رزقهم الوحيدة، ويراها المواطنون: أنها تأتي على حساب راحتهم وأشياء أخرى، ويراها المسؤولون: أنها عصية الحل وأنهم يفعلون جهدهم فيها بالحملات اليومية.