رانيا المشاط.. آخر عنقود «أهل الخبرة»
محمد حسن
في يناير 2018، كانت الدكتورة رانيا المشاط في زيارة عمل إلى الأردن، من المقرر أن تنطلق بعدها عائدة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لكن الخبيرة في صندوق النقد الدولي تلقت مكالمة تخبرها بأنها مرشحة لحقيبة وزارية في مصر، وعليها العودة لحلف اليمين.
هكذا تولت ابنة الـ43 سنة آنذاك – منصب وزيرة السياحة، في اختيار بدا غريبًا للوهلة الأولى، لكنها فهمت أنها مطلوبة لإدارة القطاع السياحة بنظرة اقتصادية اعتمادًا على خبرتها الطويلة.
رانيا المشاط، مواليد 20 يونيو 1975 بمحافظة المنوفية، وهي خريجة كلية الاقتصاد بالجامعة الأمريكية عام 1995، ثم ماجستير الاقتصاد من جامعة ميريلاند في كوليج بارك بعد ثلاث سنوات، والدكتوراه من نفس الجامعة في 2001.
قبل دخولها الحكومة بسنتين فقط، حصلت رانيا المشاط على شهادة السياسات العامة والإبداع القيادي من جامعة هارفارد عام 2016، كما عملت أستاذًا في الاقتصاد منذ "2000.
و"رانيا" هي ابنة الدكتور عبد المنعم المشاط، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد جامعة القاهرة، والخبير المهتم بملف الأمن القومي لسنوات طويلة، وأحد المشاركين في حرب أكتوبر 1973.
"المشاط" أصغر وزيرة مصرية، وهي بذلك “آخر عنقود” أهل الخبرة الذين استعان بهم الدكتور مصطفى مبدولي في حكومته للتعامل مع التحديات والطموحات الاقتصادية للدولة.
اقرأ أيضا: «جامع» و«القباج».. سر «نيفين» الناجحة
تبدو رانيا المشاط على طبيعتها تمامًا، ورغم أنها في الاحتفلات الرسمية تظهر جادة وواثقة من نفسها، فإن الابتسامة تكاد لا تفارق وجهها، وتتمتع بقدر هائل من السلام والرضا، الأمر الذي ينعكس مثلا على تفاعلاتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
سيدة الاقتصاد والمال تفاجئك مثلا بالحديث عن "الطبخ" فتنشر صورة لها وهي أمام أطباق شهية، وتكتب برؤية فلسفية: "علمتني أمي أن الطبخ هو الشعور بالآخرين، ولا يتعلق الأمر فقط بالمكونات أو الوصفات، ولكن بالحب".
"أفعل دائما أي شيء بشغف وحب".. هكذا تقول "رانيا" عن نفسها، مستعينة بهذين السلاحين الّذين يكسران أي قيود أو روتين، ويعطيان الإنسان القدرة على الاستمرار.
هكذا عملت في ملف السياحة طوال عامين إلى أن تركته لزميلها وصديقها الدكتور خالد العناني في 22 ديسمبر 2019، لتتولى وزارة التعاون الدولي.
اقرأ أيضا: علي المصيلحي.. مهندس دعم الغلابة المطلوب في الحكومات
كانت "المشاط" مؤمنة بعبقرية المصري القديم وما تركه من آثار، هذا الإيمان زاد من نشاطها للترويج للسياحة المصرية في الداخل والخارج من خلال رؤية اقتصادية لإنعاش القطاع المتعثر منذ سنوات بسبب الاضطرابات والعمليات الإرهابية.
عندما انتقلت رانيا المشاط إلى وزارة التعاون الدولي في آواخر 2019، من المؤكد أنها وجدت نفسها أكثر، فهذا مجالها الذي درسته وعملت به لسنوات.
وطوال نحو سنة ونصف، وضعت "رانيا" النقاط فوق الحروف في الوزارة، وعلمت على تغيير الفكرة القديمة من أنها وزارة القروض والمنح، وذلك من خلال الدبلوماسية الاقتصادية والتنسيق المتواصل مع الوزارات الأخرى.
تمارس رانيا المشاط السباحة على فترات، تلك الرياضة التي تجدد شعور الإنسان بنفسه وطاقته، ولديها وصفة من 4 عناصر للنجاح وهي: الكفاءة، الثقة، العلاقات، الجذب، وتعتبر أن أي إنسان أو مسئول في استطاعته إثبات نفسه في مجاله إذا طبّق هذه الوصفة، حتى لو كان امرأة وصغيرة السن.. والدليل رانيا المشاط نفسها.