«جامع» و«القباج».. سر «نيفين» الناجحة
محمد حسن
من بين 8 وزيرات في حكومة الدكتور مصطفى مبدولي، يمثلن النسبة الأكبر للمشاركة النسائة في تاريخ حكومات مصر، سيدتين تحملن نفس الاسم الأول، وهما الدكتورة نيفين جامع، وزيرة الصناعة والتجارة الخارجية، والدكتورة نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي.
مفارقة الاسم الأول للسيدتين اللتين تبدوان مصريتين للغاية، تدفع إلى تتبع سيرة كل منهما، وكيف صنعت كل منهما قصة نجاحها الخاصة، لتصل الأولى إلى ملف الصناعة والتجارة الخارجية، والثانية إلى التضامن الاجتماعي.
في السطور التالية، “المؤشر” ينطلق من هذه المفارقة الاسمية لنلقي الضوء أكثر على مرحلة مبكرة في حياة كلِ منهما.
نيفين جامع.. نقطة تحول كبرى في مسيرة «بنت المنصورة»
عندما تُعرِّف نيفين جامع نفسها، تفضل أن تقول "أنا مواطنة مصرية، مُحبة جدا لبلدي ومهنتي"، ثم تشدد قائلة: "وحط تحت مهنتي أكتر من خط".
خريجة "تجارة القاهرة" عام 1984 عملت في المجال الذي تحبه، وحققت ما يتمناه أي دارس للتجارة، عندما بدأت مسيرتها المهنية بالعمل في القطاع المصرفي لما يزيد عن 20 سنة.
"جامع" من مواليد محافظة المنصورة، عام 1962، تبدو كسيدة لا تعرف إلا اختيارًا واحدًا في الحياة، وهو "النجاح". تقول: "لازم ننجح أيا كانت الصعوبات، في حياتي حطيت قدامي اختيار إني لازم أنجح، وممشية نفس النهج مع أولادي".
ارتبطت نيفين جامع بالدكتور مصطفى الجمل، الذي كان زميلًا لها في كلية التجارة جامعة القاهرة، لكن قصة الحب والارتباط بدأت من عملها معا في أحد البنوك.
تحدث عنه بإجلال وتقدير: "كان هادئ الخلق تماما، ويتسم بالتقوى. ابتدينا حياتنا سوا، إحنا متربييين وفقا لقيم وعادات لا نعرف إلا النجاح"، لكنها تخشى أن تتحدث عن كثيرًا فتغرق في موجة تأثر على رحيله.
نقطة التحول في حياة جامع كانت في يناير عام 2005، عندما التحقت بالعمل في الصندوق الاجتماعي للتنمية. أهمية الخطوة لم تكن بسبب الترقي الوظيفي، مثلًا لكن لأن العمل الجديد مكّن خبيرة العمل المصرفي من أن تلمس الأثر “البسيط والهائل” في آن واحد لمهنتها.
تحكي: " كنت بشتغل في الائتمان والمنح لكن لرجال الأعمال والمشروعات الكبيرة، فحسيت إني عايزة أشوف شغلي يطبق على أرض الواقع أكثر".
أصبحت نيفين جامع في عملها الجديد تساعد في إحداث تغيير جذري في مستقبل الكثيرين، تشرح: "هنا أي قرض بأمنحه بتنتج عنه فرصة عمل لصاحب المشروع واثنين أو ثلاثة معاه، يعني بتفتح بيت، لقمة عيش.. ده أحلى".
13 سنة قضتها نيفين جامع في الصندوق الاجتماعي للتنمية، كانت سعيدة بعملها الذي ترى لها ميزة أخرى من منظور أوسع، وهو أنه على الجانب الاقتصادي يؤثر بشكل فعال في الاقتصاد الوطني.
في أبريل 2017، أصحبت "جامع" هي أول رئيس تنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بعد تأسيسه، لمدة 3 أشهر، قبل أن يتم تكليفها رسميا بالمهمة، وتتجدد فيها الثقة في يوليو 2020 بجانب عملها الوزاري.
تقول نيفين جامع عن هذه المهمة: " عمري ما تصورت إني أبقي رئيسة الجهاز"، لكن خبرتها وكفاءتها أهّلاها للمهمة التي خرجت منها إلى كرسي وزارة الصناعة والتجارة الخارجية في ديسمبر 2019.
نيفين القباج.. سر «الحنية والدفء» في طفولة «ربة الأسرة»
للدكتورة نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، سمت هادئ ونبرة صوت حانية، كأنها "ربة أسرة مصرية بسيطة".
هذه الصفات موجودة فيها بمزيج من الوراثة والاكتساب، لأنها عاشت في جو أسري منذ طفولتها: "كنا خمس بنات وولد واحد، عشنا في بيت دافئ".
فقدت "القباج" والدها وهي طفلة في عمر الـ14، لكنها أخذت منه الكثير، وما زالت تقتدي به إلى الآن، تحكي عنه قائلة: "كان حنون جدا وقدرة رائعة بالنسبة لي، شبعت منه حنية".
كان والد "نيفين" صاحب مصنع أصواف، ذهبت معه كثيرًا في صغرها إلى المكان ذي الأدوار المتعددة، رأت نشاطه في المكان: "كان فاهم في كل تفصيلة في الشغل، وأنا بشتغل بفتكره"، ومن هنا لمست أوضاع العمال البسطاء مبكرًا.
بعد رحيل والدها انكشفت للأسرة أسرارا كثيرة عن الرجل الذي كان "مغلقا على نفسه": "عرفنا كتير عن علاقته بالناس والعمال ومعالمته ليهم".
في فترة مرضه، قررت "نيفين"، ببراءة الأطفال، أن تلتحق بإحدى كليتي الطب أو الصيدلة، لتساعد في علاجه، كانت مسئولة عن تناوله الأدوية، وتعرف اسم كل نوع منها.
خريجة "اقتصاد وعلوم سياسية" عام 1987، عدلت عن فكرة "الطب أو الصيدلة" بعد أن رحل الوالد، لكن احتفظت بشعورها بالعمال والبسطاء، ويشهد على ذلك انهماكها في قراءة "بريد الجمعة" في صحيفة الأهرام أسبوعيًا. تعقّب: "كان شاغلني المجمع ومشاكل الناس".
بعد سنوات طويلة من هذا التاريخ، ومسيرة مهنية مليئة بالأبحاث والعمل في مؤسسات التنمية والمرأة والطفل، كانت نيفين القباج أنسب ما يكون لوزارة التضامن الاجتماعي في ديسمبر 2019، حتى أنك تشعر كثيرًا أنها "ربة أسرة" كبيرة تضم ملايين الفقراء ومستحقي الدعم.