خطة «الغلق الآمن» .. مصر تتخلص من مقالب القمامة العشوائية
محمود أبو السعود
خلال فترة وجيزة.. تسدل مصر الستار علي وتودع نهائيا مقالب القمامة العشوائية، ويتخلص المواطنون من روائح كريهة، وضوضاء وأمراض، فى حين تبدأ الدولة خطوة جديدة نحو الاستثمار بتدوير تلك المخلفات.
خطة طموحة تسعي إليها الدولة لحسم التخلص من المقالب العشوائية فى غضون سنتين، ويدخل 26 مقلبا ومدفنا جديدا الخدمة خلال الفترة القادمة، سعيا لاستثمار القمامة والهبوط بما يتم رفضه منها الى أقل من 30%، ثم دفن مرفوضات " الزبالة" بوسائل سليمة وصحية.
أخيراً.. بدأت الدولة رحلتها فى التخلص من مقالب المخلفات العشوائية بعد رحلة عذاب عاني منها سكان المناطق الملازمين لمقالب القمامة فى جميع المحافظات، ومعاناة شديدة يواجهونها نتيجة الروائح الكريهة والأدخنة المنبعثة من خلال حرق أكوام القمامة، وضوضاء وإزعاج لا يتوقف تُصدره سيارات النقل المُحملة بالقمامة على مدار الـ24 ساعة يومياً، حلم كان بالنسبة لهم أن يتم نقل تلك المقالب بعيداً حتى يتسنى لهم استنشاق الهواء الطبيعى غير الملوث مرة أخرى.
بالفعل أُغلق العديد منها مثل مقالب «السلام، القطامية بالقاهرة الجديدة، الطوب الرملى والوفاء والأمل بمدينة نصر»، ليتذوق معها الكثيرون من السكان طعم الحياة النظيفة والهواء النقى مرة أخرى.
وأكدت وزيرة البيئة، أن الدولة تسعى لتغيير الوضع الحالي في التخلص الآمن من المخلفات، بتدوير ٨٠٪ من المخلفات وتقليل نسبة المرفوضات التي يتم دفنها إلى ٢٠٪ من المخلفات على عكس المتعارف عليه حاليا، كما يتم حاليا اتخاذ خطوات جادة للبدء الفعلي في مشروعات المرحلة الأولى لتحويل المخلفات لطاقة.
جاء ذلك خلال عقدها اجتماعاً موسعاً مع الفريق مهندس كامل الوزير وزير النقل، واللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة، واللواء أحمد راشد محافظ الجيزة، واللواء عبد الحميد الهجان محافظ القليوبية، والدكتور خالد قاسم مساعد وزير التنمية المحلية، ورؤساء الهيئة العامة للنظافة والتجميل بمحافظات القاهرة والجيزة والقليوبية.
كما شددت الوزيرة، على أن بعض المقالب العشوائية تحتاج إلى إغلاق كامل نتيجة ترمد المخلفات المتراكمة به على مدار سنوات طويلة، مما يعيق عملية تدويرها، موضحة أن عملية إغلاق وإعادة تأهيل المقالب العشوائية معقدة جدا ليتم بطريقة آمنة.
ومن جانبه، أكد الفريق كامل الوزير وزير النقل، أن الهدف من تلك المناقشات التوصل لحلول تتسق مع معطيات الواقع، وأن تدوير المخلفات المتراكمة في المقالب العشوائية سيكون حلا مناسباً للتقليل من إيجاد أماكن جديدة لدفن المخلفات بها، وخاصة مخلفات الهدم والبناء التي يمكن الاستفادة منها ناتج تدويرها في صناعة مستلزمات الأرصفة والطرق، وتنفيذ نموذج لذلك بمقلب الطوب الرملي الذي يحوي كميات كبيرة من مخلفات الهدم والبناء، حيث اقترحت وزيرة البيئة دراسة نوعية مخلفات هذا المقلب ومدى صلاحيتها لإعادة التدوير، ومن ثمة انشاء مصنع به لتدويرها بالشراكة مع القطاع الخاص والزام المقاولين من خلال قانون المخلفات بعدم إلقاء مخلفات الهدم والبناء ونقلها للمصانع المخصصة لتدويرها.
وتم الاتفاق على عدد من الإجراءات على مجموعة من المقالب وهم إغلاق مقلب القطامية وقيام جهاز تنظيم إدارة المخلفات بمراجعة كراسة الشروط والمواصفات وكذلك إغلاق مقلب الطوب الرملى وإستخدامه فى النشاط المخصص له وإغلاق وتأهيل الجزء المخصص من موقع العبور لمحافظة القاهرة وتحويله إلى مسطح أخضر والقيام بتغطية المساحات المكشوفة من مقلب شبرامنت للسيطرة على الانبعاثات حيث تقوم المحافظات بإغلاقها بدعم من جهاز تنظيم إدارة المخلفات.
وأكد الدكتور أحمد فاروق البري، رئيس جهاز تنظيم ادارة المخلفات، أن الوزارة تسعى لتحقيق أقصى استفادة من مخلفات الهدم والبناء، حيث يتم التعاون حاليا مع الهيئة الهندسية والمركز القومى لبحوث البناء والإسكان لدراسة توفير كسارات متحركة بأماكن تنفيذ المشروعات لتقوم أولا بأول بالتكسير والفرز والنخل لتلك المخلفات، كما تم الاتفاق مع هيئة المواصفات والجودة لإعداد المواصفات الخاصة باستخدام جزء من ناتج تدوير تلك المخلفات.
وأشار اللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة إلى أهمية تعاون المواطن بالالتزام بالسلوكيات التخلص من المخلفات سواء في صناديق القمامة أو من خلال متعهدى الجمع، موضحا أهمية التوسع في مصانع التدوير للتغلب على مشكلة تراكم المخلفات وطول مسافات نقل المخلفات المدافن، وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في تنفيذ تلك المصانع بما يتناسب مع المعايير البيئية.
واكد اللواء أحمد راشد محافظ الجيزة أن الدولة اتخذت خطوات جادة وفاعلة فى مجال إدارة المخلفات حيث تم وضع إطار ينظم العمل فى هذا المجال من أجل تسهيل عملية جمع تلك المخلفات تمهيداً لدخولها مصانع التدوير للاستفادة منها في توليد الطاقة وتحقيق عائد استثماري مشيرا إلى أن القاء مخلفات الرتش في الطرق العامة تعكس مظهرا غير حضارياً للطرق والشوارع وتسيئ للمظهر العام ما يهدم كل مخططات التجميل التي تنفذ علي الأرض مؤكدا أنه يتم التعامل بحزم لمواجهة تلك الظاهرة والقضاء عليها .
بينما أشار اللواء عبد الحميد الهجان محافظ القليوبية إلى أن غلق مقلب أبي زعبل ضرورة بعد نزوح الكتلة السكنية بالقرب منه، وتتخلص المحافظة حاليا من مخلفاتها بخلية بمدفن العبور، إلى أن يتم تشغيل المشروع المتكامل لإدارة المخلفات بالعاشر من رمضان، مما يتطلب التقليل قدر المستطاع من المخلفات التي يتم نقلها إلى موقع العاشر نظرا لطول المسافة ولضمان عدم القائها على الطرق، وذلك بزيادة عدد المحطات الوسيطة والاعتماد بشكل اكبر على التدوير.
تأهيل 8 مقالب في القاهرة الكبرى
واستعرض الدكتور أحمد البري رئيس جهاز تنظيم ادارة المخلفات موقف إغلاق وإعادة تأهيل مقالب القاهرة الكبرى وعددها 8 مقالب (الطوب الرملى ، أبو زعبل، الوفاء والأمل ، شبرا منت، العبور، السلام، القطامية، الهندسة).
تم الاتفاق في نهاية الاجتماع على إعداد دراسة لإغلاق مقلب الطوب الرملى لدراسة إمكانية الاستفادة من مخلفات المقالب العشوائية بالقاهرة على غرار ما تم فى مقلب الوفاء والأمل.
بدأت وزارة البيئة العمل على إعداد وتأهيل البنية التحتية للمنظومة، من خلال إنشاء محطات وسيطة ومتنقلة، ومدافن صحية، ومصانع لإعادة التدوير، وأخرى لتوليد الكهرباء من المخلفات، بالإضافة إلى العمل على غلق جميع المقالب العشوائية، وذلك بالتزامن مع إعداد اللائحة التنفيذية لقانون المخلفات الجديد، المنتظر الانتهاء منها خلال الأشهر القليلة المقبلة، حيث تم بدء تنفيذ عمليات تأهيل مقلب الوفاء والأمل، وتنفيذ محطة معالجة لسائل الرشيح الناتج عن المخلفات، كما تم طرح مناقصة لتأهيل مقلب السلام، ومن المتوقع الانتهاء منها خلال عام ونصف العام.
65 فدانا للقاهرة ومثلها للقليوبية لإنشاء خلايا دفن بمقلب العبور
وخصصت وزارة البيئة 65 فدانا لمحافظة القاهرة، و65 فدانا لمحافظة القليوبية، ولإنشاء خلايا دفن بمقلب ومدفن العبور، للتخلص من المخلفات، أنشأت القاهرة خلية دفن جديدة فى الجزء المخصص لها بمساحة 10 أفدنة، وأنشأت القليوبية خلية دفن فى الجزء المخصص لها على مساحة 8 أفدنة، وتقوم المحافظة حاليا باتخاذ إجراءات تشغيل هذه الخلية، وكذلك التنسيق مع هيئة نظافة وتجميل القاهرة بالسيطرة الدائمة على الحرائق الموجودة داخل المقلب، من خلال توفير 3 لوادر و3 سيارات قلاب للقضاء النهائى على الحرائق، وإجراء متابعات يومية من لجان بوزارة البيئة.
وعن مقلب القطامية، فقد اتفق جهاز مدينة القاهرة الجديدة مع جامعة بنها لإعداد دراسة الإغلاق الآمن للمقلب تمهيدا للطرح على الجهات التى ستقوم بتنفيذ أعمال الإغلاق، ويتم التنسيق لتخصيص قطعة أرض بمساحة 1226 فدانا جنوب مدينة العاشر من رمضان لاستغلالها فى إقامة مجمع متكامل للمخلفات لمحافظتى القاهرة والقليوبية، حيث تقوم وزارة البيئة بعمل الدراسات الفنية للموقع قبل تسليمها للمحافظات وإعداد المُخطط المتكامل للموقع الدائم للتخلص من المُخلفات وتوزيع الأنشطة للإدارة المتكاملة لجميع أنواع المُخلفات "مدفن للمخلفات المنزلية - مدفن مخلفات الهدم والبناء - مدفن للمخلفات الصناعية - وحدات معالجة للمخلفات الطبية"، ومن المخطط أن يستوعب المخلفات لمدة 50 عاما قادمة، وستنفذ الحكومة البنية التحتية ويتم إسناد الإدارة للقطاع الخاص.
أما فيما يخص المدافن الصحية، وعددها 27 مدفنا يتم تنفيذها خلال المرحلة الأولى للمنظومة، تم اعتماد الرسومات التفصيلية لعدد 20 مدفنا صحيا، وذلك بمحافظات "الفيوم، بنى سويف، السويس، جنوب سيناء، البحيرة، سوهاج، الأقصر، أسوان، الوادى الجديد، الشرقية، شمال سيناء، الجيزة، مطروح، البحر الأحمر، المنوفية".
كما تنفذ وزارة البيئة البنية التحتية لمنظومة المخلفات الجديدة، فمن خلال البروتوكولات التى تم توقيعها بين وزارات التنمية المحلية، والبيئة، والتخطيط، والتى يقوم جهاز تنظيم وإدارة المخلفات بدوره الاستشارى الفنى بها، فقد تم اعتماد التصميمات الخاصة بعدد 11 محطة وسيطة، وتم بدء الأعمال الإنشائية لعدد 9 محطات بمناطق "منشأة ناصر، والمقطم، وشارع بورسعيد بالقاهرة، دمنهور وكفر الدوار بالبحيرة، منطقة ناصر ببنى سويف، يوسف الصديق بالفيوم، الإبراهيمية وديرب نجم بالشرقية"، وتم الانتهاء من الأعمال الإنشائية لعدد 4 "محطات منشأة ناصر، شارع بورسعيد، منطقة ناصر، المقطم"، وجار الانتهاء من فحص واستلام معدات لعدد 7 محطات وسيطة متحركة.