«سينوفاك المصري».. كيف بدأت رحلة إنتاج لقاح محلي لفيروس كورونا؟
محمد خالد
بعد أقل من أسبوع، ستخرج إلى النور أول عبوة مصرية من لقاح كورونا اعتمادا على تكنولجيا إنتاج لقاح “سينوفاك” الصيني، من إنتاج شركة "فاكسيرا"، وبعد شهر ونصف فقط من التصنيع سيكون اللقاح متاحًا في المراكز الطبية لتطعيم المواطنين.
قصة إنتاج لقاح كورونا في مصر ليست وليدة اللحظة، لكنها نتائج أشهر من التوجيهات الرئاسية والجهود الحكومية، والتنسيق الدولي طبيا.
في التقرير التالي، نرصد كيف بدأت مصر خطواتها لإنتاج لقاح كورونا محليا، وهي القصة التي بدأت مبكرا العام الماضي.
القصة بدأت من الرئيس
بدأ حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على توفير لقاح كورونا للمواطنين منذ بدايات الجائحة، والأمر ليس مرتبطا بأزمة كورونا فقط، لكنه إستراتيجية مصرية حالية، تهتم بتوطين كل الصناعات وتوفير فاقد الاستيراد، وتصنيع أي منتج على أرض الوطن.
وفي تصريحاته الأولى راح يلفت إلى أهمية دور الهيئات البحثية في مصر في إجراء أبحاثها حول لقاح للمشاركة في الجهد العالمي، ثم كانت الزيارة الهامة لوزيرة الصحة إلى الصين في بداية الأزمة، بتوجيهات من الرئيس شخصيا، وهو ما تجني الدولة ثماره الآن عبر مستوى رفيع من التنسيق والتعاون و”الهدايا الطبية” المتبادلة بين الدولتين، إلى أن وصلنا إلى نقل تكنولوجيا التصنيع من العملاق الصيني إلى مصر.
وفي نوفمبر من العام الماضي، اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والوزراء المعنيين بالصحة والبحث العالمي وهيئة الدواء.
مسئولو الملف استعرضوا أمام الرئيس مستجدات السباق العالمي حول أبحاث لقاح كورونا، وتجارب التصنيع والاختبار، لكن الملفت في هذا الاجتماع أن الرئيس وجّه بدعم عمل اللجنة القومية العلمية لأبحاث لقاحات كورونا بكوادر إضافية من جهات الاختصاص لتكون في حالة انعقاد دائم لدراسة التعاقد على استيراد أفضل التطعيمات واللقاحات.
وحتى الأمس، تبدّى حرص القيادة السياسية على مشاركة مصر في تصنيع لقاحات فيروس كورونا، إذ وجّه الرئيس السيسي، بوضع مخطط متكامل لتطوير شركة "فاكسيرا" ورفع قدراتها لتكون صرحاً صناعياً إضافياً على المستوى الوطني في المجال الطبي يضاهي كبرى الشركات والمصانع العالمية في هذا المجال، إذن أن الشركة هي التي ستتولى تصنيع “سينوفاك المصري”.
بداية التحرك
في 20 يوليو من العام الماضي، استقبلت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان،، السفير الصيني لدى مصر، وخلال الاجتماع طُرحت الفكرة مبكرًا: الاتفاق على تصنيع لقاح مضاد لفيروس كورونا في مصر. الوزيرة، ناقشت مع سفير الصين، الذي كانت بلاده تجري تجارب جادة لتصنيع اللقاح آنذاك، ترتيبات نقل عملية الإنتاج إلى مصر بعد انتهاء تجارب التأكد من فاعلية المصل في الوقاية من فيروس كورونا المستجدّ.
منذ اجتماع وزيرة الصحة مع السفير الصيني، بدأت الوزارة دراسة قدرات خطوط الإنتاج في شركة "فاكسيرا" لتصنيع اللقاح بكميات كبيرة؛ فبجانب توفيره محليا، سعت مصر من البداية إلى أن تكون مركزًا إقليميًّا لتصنيع المصل وتصديره لدول إفريقيا.
والشركة المصرية القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات "فاكسيرا" هي الذراع التصنيعية لمصر، وهي شركة تابعة لوزارة الصحة والسكان، وتعد من أقدم مصانع الأمصال واللقاحات في مصر والشرق الأوسط وأفريقيا.
وفي مايو الماضي، زارت وزيرة الصحة والسكان، مقر الشركة القابضة، وناقشت المسئولين عنها في الاستعدادات النهائية لبدء تصنيع لقاح فيروس كورونا الصيني "سينوفاك" في مصر، كما تفقدت خطوط إنتاج الشركة للوقوف على مدى جاهزيتها لبدء عملية الإنتاج.
الاتفاق الرسمي
بعد أشهر من التعاون والتنسيق، أعلنت رئاسة مجلس الوزراء، توقيع اتفاقيتين بين الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات "فاكسيرا"، وشركة "سينوفاك" الصينية للمستحضرات الحيوية، في إطار "السعي نحو تحقيق التعاون الفني في هذا المجال الحيوي، عبر الاستفادة من اللقاح الذي طورته سينوفاك".
بحسب الاتفاق، تستفيد مصر من اللقاح الذي طورته شركة سينوفاك الصينية، الرائدة في مجال البحث والتطوير والإنتاج والتسويق في مجال المستحضرات الصيدلانية الحيوية، من أجل الوقاية من فيروس كورونا، إلى جانب تبادل الخبرات لدعم إمكانات شركة فاكسيرا المختصة بتصنيع الأمصال واللقاحات في مصر.
بحسب توضيحات وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، تختص الاتفقيات بتكنولوجيا التصنيع، وبموجبها ستمنح شركة سينوفاك، لشركة فاكسيرا ترخيصا محدودا لاستخدام تكنولوجيا التصنيع، والمعرفة الفنية، بغرض تصنيع المنتج النهائي المحلي للقاح كورونا، في أماكن التصنيع الخاصة بشركة فاكسيرا داخل مصر.
كيف ستنتج مصر اللقاح؟
في 15 يونيو الجاري، ستنتج مصانع "فاكسيرا" أول إصدار من لقاح "سينوفاك" الصيني،
العملية الإنتاجية بدأت بمجموعة من التحاليل الخاصة باللقاح داخل الشركة، بلغت أكثر من 10 تحاليل، كما أجريت دراسات دقيقة للغاية حول مقارنة لمطابقة اللقاح المنتظر مع المنتج الأصلي، ثم مرحلة تصنيع المستحضروبعد ذلك الاعتماد فإجراء دراسات الثبات، وأخيرا خضوع الجرعات للتحليل فى معامل هيئة الدواء المصرية للتأكد من مأمونيتها وفاعليتها قبل طرحها.
وفي 18 مايو الماضي، استقبلت الشركة أول شحنة من المواد الخام الخاصة بتصنيع اللقاح، كما وصل وفد من الخبراء الصينيين لنقل خبراتهم لشركة فاكسيرا فى مجالات الإنتاج والرقابة والجودة والتسجيل بالاضافة الى تدريب العاملين بالشركة على مراحل الإنتاج.
بالتزامن مع ذلك، بدأت عمليات دراسة طرق التصنيع والعمليات التقنية المستخدمة، والمعدات أو الأدوات أو الآلات، والإصلاح وصيانة مرافق التصنيع الخاصة بفاكسيرا، فضلا عن إدارة ومراقبة الجودة. اللقاح المصري سيكون متاحا للمواطنين في المركز الطبية في عضون 6 أسابيع فقط من بدء الإنتاج، ومن المتوقع إنتاج مليوني عبوة لقاح خلال الشهر الجاري فقط، و40 مليون عبوة عند نهاية العام.
اقرأ أيضا: