«عيب فني أم خطأ بشري».. من أربك اقتصاد العالم فى حادث«إيفر جرين»؟
محمود أبو السعود
ربما يكون المثل الشعبي الأكثر واقعية والمعبر عن ما يدور الآن داخل أهم شريان ملاحي فى العالم وهي قناة السويس (تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن) بعد توجيه الاتهام رسمياً لعوامل الطقس والرياح فى جنوح السفينة العملاقة إيفر جرين، وأعلنت هيئة قناة السويس فى وقت سابق أن حادث السفينة الجانحة «يعود بشكل أساس إلى انعدام الرؤية الناتجة عن سوء الأحوال الجوية نظراً لمرور البلاد بعاصفة ترابية، بلغت معها سرعة الرياح 40 عقدة، ما أدى إلى فقدان القدرة على توجيه السفينة، ومن ثم جنوحها».
لكن الفريق أسامة ربيع عاد وصرح، بأن سوء الأحوال الجوية لم يكن السبب الرئيسي لجنوح سفينة الحاويات الضخمة في المجرى المائي، مشيراً إلى احتمال وجود خطأ فني أو بشري بانتظار نتائج التحقيق، وقال في مؤتمر صحفي في مدينة السويس: «لم تكن الرياح والعاصفة الترابية السبب الرئيسي في جنوح السفينة لكن هذا ما في يدنا الآن.. وقد يكون خطأ فنياً أو خطأ شخصياً.. سيظهر كل ذلك في التحقيقات». وأضاف: «لا أظن أنها حادثة متعمدة، وقد طلبنا من ربان السفينة التحفظ على جميع الوثائق المكتوبة والمصورة والمسجلة، لحين إتمام التحقيقات بعد تعويم السفينة».
وكانت السفينة البنمية العالقة، التي يبلغ وزنها 224 ألف طن في طريقها إلى ميناء روتردام في هولندا عندما خرجت عن مسارها، وجنحت سفينة الحاويات التي تعد أطول من أربعة ملاعب لكرة القدم، بالعرض في مجرى قناة السويس، منذ صباح الثلاثاء الماضي، ما أدى إلى عرقلة حركة الملاحة في الاتجاهين في المجرى المائي البالغ الأهمية، وأدى تعطل الملاحة إلى ازدحام مروري في القناة وتشكل طابور انتظار طويل يضم مئات السفن كانت بصدد عبور القناة البالغ طولها 193 كيلومتراً، ما تسبب بتأخير بالغ في عمليات تسليم النفط ومنتجات أخرى.
وبعد نجاح عملية تعويم السفينة البنمية والاستعداد لتيسير رحلات التجارة البحرية عبر الممر الملاحي، بات السؤال المطروح ما هو السبب فى جنوح السفينة وهل هناك عيب فني أم خطأ بشري أربك اقتصاد دول العالم؟
المحقق البحري الربان السيد شعيشع قال في تصريحات سابقة، إن السفينة «إيفر جرين» من أكبر الحاويات في العالم، وكانت تبحر في اتجاه الشمال من البحر الأحمر صوب البحر المتوسط في ظل أجواء مناخية صعبة، وعاصفة ترابية تسببت بانعدام الرؤية بشكل كبير.
وأوضح أن دور المحقق في الوهلة الأولى قبل تفسير الموقف ولماذا جنحت السفينة بهذا الشكل في مسار غير مألوف، هو الاطلاع على تفريغ كل المواد والكاميرات والصندوق الأسود داخل السفينة بأسرع وقت ممكن، الأمر الذي طالب به الحكومة المصرية.
وأكد أن الصندوق الأسود هو الذي سيوضح بشكل دقيق السبب وراء جنوح السفينة العملاقة، لافتاً إلى أنه لا يمكن أن تجنح السفينة بهذا الشكل من دون أسباب سواء فنية، أو أخطاء بشرية.
وأضاف أن الصندوق الأسود سيكشف أيضاً هل كان هناك عيوب فنية في إدارة وتوزيع الحاويات على جسم السفينة، مؤكداً أن اصطفاف وتوزيع الحاويات على السفينة يتم وفقاً لحسابات هندسية تتعلق بطولها وعرضها، ولا يتم توزيعها بشكل عشوائي، لافتاً إلى أن توزيع الحاويات والبضائع داخلها قد يتسبب بجنوحها عند تغير مسارها أو زيادة سرعتها.
وقال، إن التفسير المنطقي الأولي يفيد بأن قبطان السفينة حاول أثناء الملاحة داخل قناة السويس في تلك الأجواء المناخية الصعبة رفع درجة سرعة السفينة في ظل سرعة الرياح العالية، مشيراً أنه في تلك الحالات يسعى أي ربان سفينة إلى الحفاظ على تمركز السفينة لتكون في منتصف خط المجرى الملاحي للقناة في الأحوال الطبيعية، وأن الصورة العامة لجنوح السفينة بهذا الشكل الدائري غير المألوف في الحوادث البحرية خصوصاً في ظل ضخامة السفينة، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنها لم تستجب لتوجيهات الربان في ظل زيادة سرعتها، وانحرفت درجتين يميناً، أو يساراً، فحاول أن يرفع السرعة بشكل أكبر فاستجابت السفينة، ولكن اصطدمت مقدمتها بهذه السرعة في قاع وجانب القناة فدارت حول نفسها.