«المنبوذ».. لماذا يرفض البعض التعامل بالجنيه الورقي؟
محمد خالد
في سيارة “ميكروباص”، جمع الركاب الأجرة وأرسلوها للسائق كالعادة، فأعاد إليهم جنيها ورقيا قائلا “ده ما بيضيعش”، حاول صاحب “الجنيه الورق” إقناعه بأنه ليس ممنوعا بشكل رسمي، لكن السائق رفض، بينما اكتفى الركاب بالصمت.
الامتناع عن التعامل بالعملة الورقية فئة الجنيه أصبح مشهدا متكررا حاليا، في وسائل المواصلات والمحال التجارية، في موقف أصبح فيه “الجنيه الورق” مبنبوذا، بينما خرجت تأكيدات رسمية من الحكومة والبنك المركزي، نافية إصدار أي قرار بوقف التعامل به، لكن مفعول الشائعة أصبح ساريا رغم ذلك.
تاريخ الجنيه الورقي
صدر الجنيه الورقي بشكل أقرب إلى الحالي لأول مرة قبل أكثر من 40 سنة، وذلك في عام 1979 لكنه كان بحجم أصغر قليلا مما هو عليه الآن.
ويجمع تصميم الجنيه الورقي بين الحضارتين الفرعونية والإسلامية، فمن جهة يحمل صورة جامع قايتباي، وهو من أعرق الجوامع والكائن بشارع جامع قايتباي بالروضة في مصر القديمة، أما الوجه الثاني فعليه معبد أبو سمبل الذي نُحت في الجبل في عهد الملك رمسيس الثاني كنصب تذكاري له هو وزوجته الملكة نفرتاري.
ظهور العملة المعدنية
النسخة المعادلة للجنيه الورقي حاليا، وهي العملات المعدنية، ظهرت في مصر للمرة الأولى عام 2005، عندما طرح البنك المركزي عملات من فئة الجنيه والنصف جنيه بتصميمات جديدة.
منذ تلك السنة، توقف التعامل بالجنيه الورقي لنحو 11 سنة، إلى أن جاء عام 2016 فعادت "الورقي" إلى أيادي المواطنين مرة أخرى.
عودة الجنيه الورقي
ففي مايو من ذلك العام، أصدر طارق عامر محافظ البنك المركزى، قرارًا بإعادة طباعة الجنيه الورقي مع تغيير طفيف فى شكله بوضع شريط تأمينى جديد، على أن يتم طرحه بالسوق في غضون 60 يومًا.
وبمجرد صدور القرار، أعلن البنك المركزى من طباعة 300 مليون ورقة فئة الجنيه، ثم طرح 500 مليون جنيه أخرى بعد أسابيع، وتزامن ذلك مع حلول عيد الفطر، ما أعاد لـ"العيدية" بهجتها القديمة بين الأطفال.
قرار عودة "الورقي" من جديد جاء بسبب ارتفاع تكلفة طبع العملات المعدنية، إذ تكلف طباعة الجنيه الورقي نحو 30 قرشا مقابل 60 قرشا لـ"المعدني"، رغم أن قيمة الأخير تبقى في صلاحيته لمدة أطول.
البنك المركزي ينفي الشائعة
من جانبها، نفت الحكومة، والبنك المركزي، أي صحة لأنباء وقف التعامل بالجنيه الورقي، وكانت آخر تأكيدات البنك في 4 أبريل الماضي، عندما شدد على استمرار سريان التعامل بجميع العملات الورقية بلا استثناء، نافيًا صحة ما يتم تداوله حول إلغاء التعامل بفئة الجنيه الورقى.
وفي الشهر السابق على ذلك، أصدر البنك توضحيا كذلك قال فيه إن الجنيه الورقى يتمتع بقوة إبراء كاملة، ويستحق الوفاء بكامل قيمته مقابل السلع والخدمات، كما يحق للمواطنين استخدامه بشكل طبيعى في جميع المعاملات المالية.
مطالب بتفعيل الغرامة
وفي مارس الماضي، وصل الأمر إلى البرلمان عندما تقدمت النائبة إيناس عبدالحليم عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة، للمستشار حنفي جبالي، رئيس المجلس، بشأن امتناع عدد كبير من الأشخاص عن تداول بعض من فئات العملات الورقية الرسمية، وما يواجهه المواطن في الآونة الأخيرة من صعوبة بالغة في تداول تلك العملات الورقية أثناء معاملاته المالية على مدار اليوم.
ورصدت النائبة انتشار الظاهرة في وسائل النقل الخاصة مثل الميكروباص والميني باص”، إلى جانب أسواق السلع الغذائية ومحال البقالة والمخابز ومحال الملابس ومحال الخضروات والفاكهة ومحال بيع اللحوم.
النائبة أرجعت الظاهرة إلى عدم وجود رقابة حقيقية أو تطبيق فعلي على أرض الواقع للغرامة التي أقرها المُشرع المصري في الفقرة الثامنة من مضمون المادة رقم 377 من قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937 والذي ينص على معاقبة بغرامة لا تجاوز مائة جنيه كل من امتنع عن قبول عملة البلاد أو مسكوكاتها بالقيمة المتعامل بها ولم تكن مزورة ولا مغشوشة.