غادة شلبي.. بداية المسؤولية بـ«اختيار مفاجئ»
محمد خالد
كان اختيارًا مفاجئًا لأسرة غادة شلبي، عندما أبلغتهم أنها ترغب في الالتحاق بكلية السياحة والفنادق جامعة حلوان، لكنهم بعد 4 سنوات من الدراسة أنهتها بتفوق ملحوظ تيقنوا أن ابنتهم تعرف ما تريد.
الآن، تشغل غادة شلبي منصب نائب وزير السياحة والآثار، منذ ديسمبر 2019، بعد أن جاءت بخبرة متراكمة من القطاع الخاص الذي قطعت فيه مشوارًا صعبًا وناجحا، لتضع كل هذا في خدمة القطاع الوطني في واحدة من أعلى فترات ازدهاره بعد سنوات من الكبوات.
الأب من المؤسسة العسكرية.. والأم في «التعليم»
كان المجال السياحي أبعد ما يكون عن الأسرة، وبشكل عام لم يكن قرار "غادة" مفهومًا لهم، إذ كان الأب يعمل في المؤسسة العسكرية والأم في التربية والتعليم، كما أن شقيقها يعمل بالهندسة، وشقيقتها على نفس درب الأم.
بالإضافة إلى هذا، بحسب ما حكته نائب الوزير عن نفسها في منتدى المرأة المصرية عام 2020، لم يكن هناك وعي منذ سنوات طويلة لدى الأسر والمجتمع عمومًا بدخول البنت هذا المجال.
حققت "غادة" رغبتها، وفي كلية السياحة والفنادق جامعة حلوان، تعلمت كيف تستطيع التعبير عن نفسها بقوة، إذ زرعت فيها الكلية القدرة على تمثيل الذات بجدارة حتى تستطيع تمثيل مصر أمام ضيوف الدول الأخرى من السائحين.
- من القطاع الخاص إلى المسؤولية الحكومية
فور تخرجها من شعبة "دراسات سياحية" بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف عام 1992، لم تجلس "غادة" في المنزل، وسارعت لتلقي عدة تدريبات مهنية في شركة مصر للطيران والطيران المدني، قبل أن تبدأ مشوارها بالعمل في شركة "أمريكان إكسبريس" للسياحة وكروت الائتمان، وفيها تدرجت في المناصب القيادية المحلية والدولية.
نظرًا لتميزها، حصلت "غادة" على منحه من الشركة للتدريب على فن القيادة والتطوير الاستراتيجي في مقر الشركة الرئيسي في فن الإدارة وهيكلة الشركات والتسويق السياحي والإدارة المالية للمؤسسات واقتصاديات السياحة والتوجيهات العالمية للإدارات الحكومية والخاصة.
بعد ذلك، عملت غادة شلبي في شركة "كانو" للسياحة بمنطقة الخليج العربي، وقادت لمدة 5 سنوات فريقا ناجحا لتقوية موقف الشركة في السوق، كما ساهمت خلال تلك الفترة في تنشيط السياحة الوافدة إلى مصر، لاسيما سياحة المؤتمرات ورجال الأعمال.
تقول عن مشوارها المهني هذا: "شقيت طريق طويل في القطاع الخاص، النجاح مجاش على طبق من فضة، كان صعب، وأدين بالشكر لوالدي ووالدتي".
* خطوة الدعم المهني
غير أن الشخص الذي ساند "غادة" في حياتها وعملها دائما كان زوجها الذي واظب على دعمها في كل خطوة، حتى في تلك الفترات التي يتوقع فيها من أي امرأة أن تتوقف عن العمل، أو على الأقل تؤجله.
تروي: "عندما أنجبنا قلت له آخد سنة أجازة أقعد مع بنتي، قال لي لأ كملي، وهكذا، كان يدعمني في كل خطوة". يعمل زوج "غادة" في الأمم المتحدة، وتفرض عليه ظروف عمله التنقل إلى أماكن مختلفة حول العالم، الأمر الذي وضع على كاهلها مسئولية مضاعفة.
تقول: "كان عليّ عبء لفترات إني أكون أم وأب ومدرسة وعاملة في تفرة الصباح، فيه بنات كتير بتمر بالظروف دي، لكن كان عندي طموح ورغبة إني أعمل حاجة وأكون مثال لأولادي، بالضبط زي ما والدي ووالدتي كانوا مثال لي".
** مرحلة التوفيق بين العمل والأسرة؟
تتمتع غادة شلبي بخبرات واسعة في مناقشة العقود التجارية والتقنية في قطاعات السياحة والسفر وتعظيم العائد من الطيران والفنادق والطيران العرض ومصدري السياحة العالمية، كما أنها حريصة على الاشتراك في بورصات السياحة الإقليمية والعالمية، ولها خبرة عملية كذلك في دعم وتنشيط السياحة الإلكترونية.
ربما سيتعجب الكثيرون: كيف لسيدة وأم وزوجة أن توفّق بين عملها وحياتها الشخصية والأسرية بهذا الشكل؟ الإجابة عند غادة شلبي كانت صعبة لكنها ليست مستحيلة، إذ تعرضت لمثل هذه المشاكل التي تواجه ملايين السيدات، وبأدق التفاصيل أيضا.
تحكي مرة: "كنت في رحلة قصيرة للندن عام2010، وتركت ابني الرضيع مع والدتي على أساس أني سأسافر لمهمة عمل ليوم واحد وأعود غدا، لكن حدث طارئ وأُغلق المجال الجوي بالكامل عن أوروبا، وقالوا إن هذا الوضع سيستمر شهرًا. انهرت، وتعرضت لعبء نفسي كبير، لدرجة أني فكرت أسيب الشغل، لكن والدي ووالدتي وزوجي وقفوا إلى جانبي وساندوني، ومرت الأزمة وعدت ولم أترك العمل".
** مشوار في مجال السياحة
إلى جانب القيمة التي يمثلها وجود غادة شلبي في منصب نائب الوزير من حيث تمكين المرأة من المناصب القيادية، فإنها شخصيا مؤمنة بأهمية العمل على زيادة نسبة العمالة من السيدات في هذا المجال.
ترى نائب الوزير: "الستات بتعمل توازن، أي نعم الثقافة عندنا تقول هتروحي تشتغلي إزاي في السياحة! لكن طالمة السيدة عندها أسس من العقيدة والاحترام للذات وللعمل هتنجح في النهاية".
في النهاية، لا تبدو كلام غادة شلبي من قبيل الأفكار التي تدافع عنها فقط، لكنها بمشوارها الناجح في مجال السياحة، الذي كلّلته بالوصول إلى منصب نائب الوزير، تضرب مثلا واقعيًا وتروي قصة نجاح.