ماكرون وعد برجوعها.. هل تُعيد فرنسا 100 ألف قطعة أثرية مسروقة من مصر؟
محمود أبو السعود
"أثار مصر مسروقة" والدول الأجنبية تستخدمها فى الدعاية للسياحة وجذب استثمارات جديدة، عبارة قالها الدكتور زاهى حواس وزير الأثار الأسبق فى إحدى الندوات، وذكر حينها أن حجم تجارة آثار مصر المسروقة تقدر بـ20 مليار دولار، ولكن تظل الحكومة المصرية ترى أن عودة القطع الأثرية المسروقة مستحيل، إلا أن وزارة الخارجية المصرية أعلنت انا تسلمت من إيطاليا، قطعتين أثريتين من العصور اليونانية والرومانية تم تهريبها من البلاد
تعود أحداث القضية إلى شهر ديسمبر عام 2019 عند دخول قطع أثرية إلى إيطاليا من دول مختلفة من ضمنها قطعتين تنتميان إلى الحضارة المصرية القديمة. واستطاعت مصر إثبات ملكيتها للقطعتين وأنهما تم سرقتهما من أحد المواقع الأثرية نتيجة الحفر خلسة وتم تهريبهما من مصر بطريقة غير شرعية، القطعتين ليستا من مقتنيات المتاحف أو المخازن الأثرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار وأنها نتيجة الحفر خلسة.
الجدير بالذكر أن مصر قد وقعت اتفاقية ثنائية مع إيطاليا في مجال استرداد الآثار المهربة في عام 2008، ونجحت مصر في استرداد 195 قطعة أثرية، بالإضافة إلى 21 ألف و660 قطعة عملة من إيطاليا في عام 2018 جاءت تصريحات الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون في بداية توليه رئاسة فرنسا بضرورة إرجاع التراث الإفريقى إلى القارة السمراء، وبدأ في اتخاذ خطوات فعلية بإرجاع الآثار الموجودة حاليا في فرنسا إلى البلدان الأفريقية تنفيذا لما التزم به في خطاب ألقاه في أوجادوجو عاصمة بوركينا فاسو، بين فيه أن من أولوياته إرجاع التراث الإفريقي إلى القارة السمراء على امتداد خمس سنوات. وقد عهد ماكرون بالمهمة إلى خبيرين ثقافيين وهما مؤرخة الفنون بيندكت سافوا والكاتب والجامعي السينغالي فلوين سار، وأمامهما فترة تمتد إلى شهر نوفمبر المقبل لتقديم آرائهم. ما سبق يفتح الباب أمام استرداد القطع الأثرية المصرية التي خرجت من مصر خلال الحملة الفرنسية على مصر ومعروضة الأن في فرنسا في عدة أماكن وعلى رأسها متحف اللوفر الذي يحتوي على 5 آلاف قطعة أثرية مصرية، وفي المتحف قسم خاص بها مقسم إلى 19 غرفة، ومن هذه الآثار قناع نفيرتيتى الذهبى، وتمثال الكاتب الجالس ورمسيس الثانى وتماثيل أخرى لأمنحتب الرابع وإخناتون، وفي مخازن اللوفر وحدها توجد 100 ألف قطعة منها موجودة فى مخازن اللوفر حتى الآن. وفي ميدان الكونكورد، توجد بها واحدة من أشهر المسلات المصرية وهي مسلة كليوباترا وهي تضىء أهم ميدان فى باريس، وتمثال الملك "رع" ابن الملك "خوفو"، الذي يقف فى مدخل الجناح المصري بمتحف اللوفر.
وتقول التقارير إنه خلال الفترة بين 1852-1868 دخل إلى المتحف ما يقرب من 9000 قطعة من تماثيل ومنحوتات وأوعية ذهبية وقطع محنطة عديدة، حيث تم سرقتها من مصر أثناء البعثات الأوروبية التى كانت مكلفة باكتشاف الأثار المصرية، ويتم عرضها حالياً فى المعرض، حيث يوجد به قسم الشرقيات ومصر القديمة والحضارتان اليونانية والرومانية. فى هذا الشأن يؤكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بوجه بحرى وسيناء بوزارة الآثار أن نزيف تهريب الآثار المصرية خارج مصر والذى زادت حدته بعد 2011 ناجم عن انتشار الحفر خلسة بغرض تحقيق أرباح طائلة بتهريبها ثم بيعها فى المزادات العالمية.
وأضاف الدكتور ريحان أنه يقترح أن تتعاون وزارة الخارجية مع وزارة الآثار وتقدما رسمياً عن طريق إدارة الملكية الفكرية والتنافسية بقطاع الشئون الاقتصادية بجامعة الدول العربية وللمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) مقترح بأن توضع الآثار كبند رئيسى ضمن الاتفاقيات الدولية لحماية الملكية الفكرية والتى تتجاهل الآثار تماماً فى تعريفها للملكية الفكرية بأنها خلاصة الإبداع الفكرى من اختراعات ومصنفات أدبية وفنية ومن رموز وأسماء وصور وتصاميم مستخدمة فى التجارة وبهذا فلا ينطبق على الآثار هذا التعريف إلا إذا اعترفت الدولة بأنه مصنف فني لذا وجب وضع الآثار ضمن الاتفاقية بصيغة التعريف الدولى للآثار سواءاّ كانت معمارية أو تحف فنية.
وطالب "ريحان" بعمل مسح شامل لكل آثار مصر المسجلة وخطوط التجميل الخاصة بها والأراضي الأثرية بقرارات ضم وهى الأراضي التى تحوى آثار ثابتة ويضمها المجلس الأعلى للآثار لملكيته والأراضي الأثرية بقرار إخضاع وهى الأرض التى تعتبر فى ملكية صاحبها لحين صدور قرار بنزع ملكيتها لصالح الآثار أو تسليمها لصاحبها بعد إخلائها من الآثار وعمل خرائط كاملة لهذه المواقع بإحداثيات على أن لا يتم أى تخطيط عمرانى أو مشروعات جديدة دون العودة لخرائط الآثار وتكثيف الحراسات مع تسليح حراس الآثار خصوصاً فى المناطق الصحراوية وإدخال أحدث تقنيات فى مراقبة المواقع الأثرية المعرّضة للحفر خلسة.