بلاغ لوزير الإسكان.. بالمستندات: هذا ما كان مخططًا لتنفيذه من مشروعات.. وهذا ما آل إليه الحال بفعل رئيس صندوق تمويل المساكن!
أيمن حسين
لا شئ يُشعرك بالحسرة؛ أكثر من مشاهدتك لوجود الرجل غير المناسب في المكان والزمان المناسبين للعمل.. أقدامٌ تُهرول في طريق الإنجازات، وأقدام مستكينة خلف مكاتب الإدارة، فطوبى لكل المسئولين المخلصين؛ ممن وضعوا قلوبهم فوق قلب الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتشابكوا بأياديهم مع يده في مرحلة بناء مصر الجديدة.
«عاوزين البلد دي تطلع لقدام؟.. يبقى لازم كلنا نحشد ونشتغل.. كل واحد بيشتغل معايا.. لازم يطحن نفسه علشان نعمل حاجة للبلد دي»، كلمات قالها الرئيس ويرددها كثيرًا على مسامع المسئولين وهي كفيلة بأن تجعل من قلوبهم جمرة لهب متوهجة في مرحلة العمل والبناء؛ لكن الأيادي المرتعشة المتخاذلة تعمل ضد مساعي القيادة السياسية وتُهدر أموال الدولة وتعطل مسارها.
في السطور التالية بلاغ إلى وزير الإسكان، نكشف فيه المتخاذلين في الجهات التابعة للوزارة والمعطلين لمشروعات الوزارة التي تسابق الزمن استجابة لتوجيهات القيادة السياسية نحو البناء والتعمير وتوفير حياة أفضل للمواطنين.. ما نكشفه بالوقائع والمستندات لا نبتغي فيه غير الصالح العام، ولا نقف فيه «مع أحد ضد أحد»، فكلنا نقف في صف الدولة التي يحلم بها الرئيس ونحلم معه بها، ونقدُنا هو نقد للمسئولية والأدوار ومساحة الرد كفيلة للجميع.
خطط كبيرة تتماشى مع سياسة الدولة ونهضتها العمرانية كانت موضوعة في صندوق تمويل المساكن التابع لوزارة الإسكان، لكن الخطط تبخرت، والمشروعات توقفت، بفعل فاعل، اسمه: علي حسن، رئيس مجلس إدارة صندوق تمويل المساكن.
مشروع التوثيق الفني والعقاري بمدينة نصر
في شهر يوليو عام 2020 وقّع صندوق تمويل المساكن بروتوكول تعاون مع شركة الإنتاج الحربي للمشروعات والاستشارات الهندسية (إحدى شركات الهيئة القومية للإنتاج الحربي)، لعمل مشروع التوثيق الفني والعقاري للمشروع السكني المملوك للصندوق بمنطقة الحي العاشر بمدينة نصر، الخطوط العريضة للمشروع تستند على رؤية مصر2030 ومبادئ التنمية المستدامة الشاملة والتنمية الإقليمية المتوازنة، وحرص الحكومة على توفير المسكن الملائم لمواطنيها والقضاء على العشوائيات، وطبقا لتوجيهات الرئيس بإعداد منظومة لحصر أصول أراضي الدولة ومنشئاتها وأجهزتها، وفي إطار سياسة الدولة تجاه التحول الرقمي، وتوجيهات وزير الإسكان بأن يتم التعامل مع المخالفات من خلال نظم المعلومات الجغرافية والتحديث المستمر لقواعد البيانات المكانية والتي تتيح سرعة اتخاذ كافة الإجراءات القانوينة للمخالفات.
مشروع التوثيق الفني والعقاري الذي نفذته «الإنتاج الحربي» للمشروع السكني بمدينة نصر؛ كان هدفه عمل قاعدة بيانات متكاملة، وعمل تكويد للعناصر العمرانية للمشروع، بعمل كود موحد لكل وحدة بالمشروع السكني تتماشى مع تصنيف جميع الوحدات المملوكة للصندوق بكافة محافظات الجمهورية، والتحول الرقمي للملفات بحصر وتنظيم الملفات، وعمل باركود لكل وحدة سكنية وتسلسل ملكيتها، والرفع المساحي لأرض المشروع، ورصد جميع أشكال التعديات والمخالفات، والرفع الميداني للمنطقة، واستخدام نظم المعلومات الجغرافية GIS لبناء قاعدة البيانات للمشروع، ودراسة استعمالات الأراضي طبقا للوضع الراهن، ورصد المباني المتعدية والمخالفة، والفرص المتاحة للاستثمار بالمنطقة وتحدياتها، ومقترحات أساليب التعامل مع التعديات، والمقترحات التطويرية، وأخيرًا: وضع برنامج تدريبي للعاملين بالصندوق لتعريفهم بمنهجية نظم المعلومات الجغرافية ومدى مساهمتها على الرفع من كفاءة وفاعلية عمليات التخطيط العمراني وبناء نظام معلوماتي عمراني.
كل عنوان من عناوين الأهداف السابقة يحمل في طياته تفصيلات دقيقة نفذها المشروع الذي انتهى بتوصيات ومقترحات لازمة لتطوير المنطقة، كان من بينها: إزالة التعديات على أراضي ملك الصندوق بمساحة 40378 مترًا واستغلالها للتماشى مع تطوير المنطقة، واستغلال الأراضي الشاغرة ـ ملك الصندوق ـ بمساحة 10909 متر لتنميتها، وإزالة كافة الأدوار المخالفة بالمباني والتي تفتقد للسلامة الإنشائية، وتقنين وضع التعديات التي لا تعوق عملية التطوير، وحصر الأراضي الشاغرة ملك الصندوق للاستفادة منها، وتعظيم القيمة العقارية للمباني عن طريق صيانتها وتجميلها، وإحلال مبنى السوق التجاري ذات الطابق الواحد إلى مباني أدوار متعددة، وغيرها من التوصيات التطويرية للمشروع.
نفذت شركة الإنتاج الحربي المشروع بالكامل في مرحلته الأولى ووضعت قاعدة البيانات الكاملة لكل تفصيلة، وجاء وقت تسليم المشروع وبدء تدريب موظفين الصندوق على سيستم المشروع، لكن بعد قدوم المهندس علي حسن، على رأس مجلس إدارة الصندوق رفض تسليم باقي مستحقات شركة الإنتاج الحربي، ورفض تهيئة المكان لبدء تدريب الموظفين، وتاه المشروع بين خطابات تشكيل اللجان لبحث المشروع. مراسلات عديدة من شركة الإنتاج الحربي إلى مجلس إدارة صندوق تمويل المساكن تطالبه بدفع باقي مستحقات المشروع وبدء خطوات جادة لتدريب الموظفين دون جدوى.
بتاريخ 4/2021 أرسل اللواء ماجد السرتي رئيس شركة الإنتاج الحربي، خطاب إلى المهندس علي حسن رئيس مجلس إدارة الصندوق جاء به: بالإشارة إلى أعمال مشروع التوثيق الفني للحي العاشر بمدينة نصر، يرجى التكرم بالتفضل والمراجعة للاستلام الابتدائي للمشروع وتحديد خطة التدريب المطلوبة طبقا للتعاقد لنهو الأعمال ومراجعة مخرجات المشروع النهائي من الهيئة القومية للاستشعار عن بعد للاستلام النهائي للمشروع.. ولكن لا استجابة.
وبتاريخ 29/11/2022، أرسلت شركة الإنتاج الحربي خطابًا إلى رئيس مجلس إدارة صندوق تمويل المساكن، جاء به: إيماءً لإجراءات الاجتماع المنعقد في وزارة الإسكان يوم 10/11 بشأن عدم صرف مستحقات الإنتاج الحربي عن مشروع توثيق الحي العاشر والمتضمن تحديد يوم الأحد الموافق 4/12 لتجربة وتشغيل النسخة الإلكترونية من المخرجات النهائية للمشروع، والمتطلبات المطلوبة من جهتكم الموقرة توفيرها حتى يتم إنهاء تسليم المشروع طبقا لما تم الإتفاق عليه في الاجتماع المشار إليه بعاليه، برجاء توفير تلك المتطلبات حتى يتم تسليم مخرجات المشروع وتجربتها وتدريب الأفراد المختصين من طرفكم.. وكالعادة لا استجابة؛ فالجالس على مقعد رئيس مجلس الإدارة لا يعنيه ما تكلفه المشروع ولا أهدافه ولا تشغيله، ولا يعنيه المال العام المُهدر على توقف المشروعات ففي جزء من هذا المشروع فقط مهدر مساحة 50 ألف متر، ولو افترضنا أن سعر المتر 10 آلاف جنيه فقط في قلب الحي العاشر بمدينة نصر لكان الاجمالي 500 مليون جنيه قيمة أرض مهدرة ملك للصندوق لا يعلم رئيس مجلس الإدارة عنها شيئًا، وبعد أن علم لا تُعنيه!.
مشروع الحي السكني بالعبور
يوم السبت، الموافق 22 أكتوبر 2022، أعلن وزير الإسكان عن تنفيذ 1136 وحدة بالعبور ودرة الوادي الجديد، وأن صندوق تمويل المساكن، يتولى حالياً تنفيذ 32 عمارة سكنية (بها 616 وحدة سكنية بمساحات متنوعة) بامتداد الحى الثاني، بمدينة العبور، وأنه من المقرر طرح 316 وحدة سكنية منها للبيع فى نهاية العام الحالى، وسيتم طرح باقى الوحدات للبيع فى نهاية العام المالى القادم.
ما لا يعلمه الوزير: أن المشروع متوقف بعد تأخر ميعاد استلامه أكثر من عام، فلا بنية تحتية تمت ولا باقي عمارات المشروع نُفذت لتوقف المقاولين عن العمل بعد أن أتموا بناء وتشطيب عمارات المشروع ولم يحصلوا على باقي مستحقاتهم، وعدم البدء في تنفيذ آخر 5 عمارات بالمشروع وإصرار رئيس الصندوق على تنفيذ باقي العمارات التي لم يطرحها من قبل بنفس أسعار طرح المشروع للمقاولين في مايو 2020، ورفضه تقارير المكتب الاستشاري للمشروع وتكليف لجان من جامعة القاهرة ثم مركز بحوث البناء، ثم رأيه الشخصي، حتى أصبح المشروع في حكم «البيت الوقف»، ومّنْ يذهب للمشروع السكني بمدينة العبور يرى كل الحقائق واضحة جلية على أرض الواقع ـ كما يظهر بالصورـ
على عكس ما كان مخططًا له في تصميمات المشروع الذي كان سيضم إلى جانب المشروع السكني مركز مول خدمي «طبي وإداري وتجاري» لخدمة المشروع وساكني المنطقة، ملايين أخرى مهدرة كان من الممكن أن يستفيد منها الصندوق في حالة إتمامه للمشروع بالشكل المطلوب والغريب أن ميزانية تكلفة المشروع كانت موجودة بالصندوق قبل قدوم «المُعطل الجديد للمشروعات».
كل المشاريع السكنية لصندوق تمويل المساكن متوقفة، وتنذر بإهدار المال العام لارتفاع الأسعار يومًا بعد يوم، بسبب أن رئيس مجلس الإدارة ـ كما هو واضح من أدائه ـ لا يحب العمل ولا إنجاز المشروعات ولا يعرف سياسة تكملة ما بدأه مّنْ سبقوه، ولسان حاله الدائم: «هما كانوا بيجيبوا فلوس منين لتنفيذ المشروعات دي»، ولو أنه أنصت لإجابات رئيس الجمهورية عندما سئُل أكثر من مرة: من أين يأتي بأموال بناء العاصمة الإدارية الجديدة؟، لعرف الإجابة، ولعرف أن المشروعات تجلب الاستثمارات وتحقق التكلفة الذاتية والأرباح، وربما يكون الرجل معذورًا لأن كل مشروعات الصندوق خطط لها ونفذها من سبقوه في رئاسة مجلس إدارة الصندوق، وهم قيادات لها بصمات واضحة في المناصب التي تقلدوها؛ فالسابق كان مدير لجهاز بحوث ودراسات التعمير بوزارة الإسكان، والأسبق كان نائبًا لهيئة المجتمعات العمرانية لقطاع الشئون التجارية والعقارية، وعلى الرغم من أن علي حسن قدم من أقوى أجهزة وزارة الإسكان، الجهاز المركزي للتعمير الذي ينفذ معظم مشروعات الإسكان والدولة؛ إلا أن قائد الصندوق لا يجيد غير الجلوس على مكتبه وصرف راتبه أول كل شهر فقط.
مشروع السادات كان وأصبح!
محفظة عقارية كبيرة يمتلكها الصندوق كانت كفيلة في ظل وجود قيادة مجتهدة ومفكرة أن تحول هذا الكيان إلى واحدة من قاطرات التنمية العمرانية إلي جانب أجهزة وزارة الإسكان الأخرى.
في مدينة السادات يمتلك الصندوق 20 فدانًا كانت قيادات الصندوق السابقة قد وقعت بروتوكول تعاون مع وزارة الإنتاج الحربي لتنفيذ مشروع سكني عمراني ضخم يضم 32 عمارة، بها وحدات سكنية مختلفة المساحات والاستخدامات «خدمات وترفيهي وصحي»، ونشاط استثماري مولات ومطاعم وغيرها في مشروع متكامل.. تصميمات المشروع شئ يبعث على البهجة ويشجع على الاستثمار والعمران في هذه المدينة، لكن المشروع ذهب أدراج الرياح والبروتوكول كما قال رئيس الصندوق بلسانه:«قطعته ورميته في الزبالة»، فالرجل عاجز وظيفيًا ولا يعرف كيف يدير استثمارات صندوقه ولا محفظته العقارية فألغى المشروعات ويرى بيع الأرض أفضل، وكأن الصندوق الذي أنشئ لتنفيذ مشروعات تخدم شرائح متوسطة وفق سياسة وزارة الإسكان؛ مهمته الأولى هي البيع فقط!.
عامان و6 أشهر من الإخفاق
في مارس عام 2021 قَدِم المهندس علي حسن من الإدارة المركزية لجهاز تعمير سيناء لرئاسة مجلس إدارة صندوق تمويل المساكن، ولا يعلم أحد كيف جاء ولماذا جاء!، ولم يُضبط هاني يونس مستشار وزارة الإسكان ومستشار رئيس مجلس الوزراء الحالي طوال سنوات عمله في الوزارة؛ أن أرسل لنا نحن الصحفيون خبرًا وزاريًا يحمل اسمه أو إنجاز فعله، وهو الرجل ـ أي يونس ـ الذي يرصد نشاط كل رجال وزارة الإسكان في كافة مناصبهم القيادية بوزارة الإسكان وأجهزة مدنها الجديدة، ومعدلات تنفيذ المشروعات.
وهنا يأتي السؤال الذي يردده الجميع بما فيهم قيادات الصندوق: هل يقبل وزير الإسكان بما آل إليه حال الصندوق في ظل القيادة الحالية؟، ومّن المسؤول عن اختياره؟، ومّن الذي يحميه في وزارة الإسكان؟، وماذا يقرأ وزير الإسكان في التقارير التي تصله عن إنجازات المسئولين في الجهات التابعة لوزارته؟، وهل يسمح الوزير بخداعه؟.. كل الحقائق بالوقائع والمستندات نضعها أمام وزير الإسكان ورئيس الوزراء لا نبتغي فيها غير الحفاظ على الصالح العام وتنفيذ تطلعات الرئيس في بناء مصر الجديدة، وتبقى مساحة الرد مكفولة للجميع.