20 عاماً والفلاح بدون توجيه.. من السبب فى اختفاء المرشد الزراعي؟
محمود أبو السعود
كان همزة الوصل بين الفلاح والأرض، دائماً تراه يتوسط الحقل يمسك بالنبات ويشرح للفلاح، تواجده الدائم بقري الجمعيات الزراعية بالقري الريفية، هو «المرشد الزراعي» غاب المرشد فتراجعت المحاصيل الزراعية، معاناة الفلاح المصري زادت خلال العشر سنوات الأخيرة بسبب غيابه واختفاء دوره .
ولا شك أن انتشار المرشدين الزراعيين خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات كانت ناجحة، لأن الفلاح دوماً يحتاج إلى من يكسبه الخبرات والمهارات اللازمة لفهم وتطبيق تقنيات الزراعة الحديثة، فمنذ عشرون عاماً والفلاح المصري بدون توجيهات، فى ظل غياب المرشد الزراعي فتوقفت التعيينات وبات الفلاح المصري يواجه متاعب الأرض والزرع دون رفيق.
كشف تقرير لقطاع الإرشاد بوزارة الزراعة، أنه يوجد 6500 قرية بها 2130 مرشدا فقط بالمحافظات،و4370 قرية خالية من دور المرشد الزراعى، بالإضافة إلى عجز 1000 أخصائى وعجز فى مفتشى الإرشاد بلغ 600 مفتش، وبلغ إجمالي إجمالى العجز فى الجهاز الإرشادى بالكامل بلغ 5970 بالمحافظات مع كبر سن المتواجدين.
وعدم تعيين شباب أوائل الخريجين بالمحافظات لمرشدين زراعيين منذ 1984، وعدم قدرة المرشدين الحاليين على مواصلة العمل لكبر أعمارهم، يهدد بتراجع زيادة الإنتاج فى 8.5 مليون فدان بأراضى الوادى والدلتا منزرعة بالمحاصيل الاستراتيجية.
وكشف التقرير أيضاً، أن هناك 2130 مرشدا وأخصائى ومدير مديرية بمختلف المحافظات منهم 80% يزيد أعمارهم عن 55 عاما يعجزون عن النزول إلى الحقول لكبر أعمارهم، بالإضافة إلى عدم مبادرة وزارة الزراعة بعمل خطة إعادة هيكلة الحقول الإرشادية المملوكة للوزارة التى تمثل ثروة قومية لنشر أساليب الزراعة الحديثة المتطورة بين المزارعين، والحقول النموذجية يشاهد فيها المزارعون أحدث طرق الزراعة والرى، والتى تعمل على زيادة الإنتاجية من نفس وحدة المساحة فى الوادى والدلتا، ولا يمكن أن يقتنع المزراع بأية أساليب زراعية حديثة إلا بعد مشاهدة نتائجها بصورة فعلية، الإنتاج الزراعىوالمحاصيل الاستراتيجية.
ما هي أدوار المرشد الـزراعي؟
1. الوسيط : حيث يقوم المرشد الزراعي بدور الوسيط بين أجهزة البحث العلمي الزراعي والفلاحين ، حيث يقوم بنقل المعلومات الزراعية المفيدة التي تلاءم احتياجات الفلاحين من مراكز البحوث الزراعية ، كما يقوم بنقل مشكلات الفلاحين إلى أجهزة البحث العلمي لإيجاد الحلول المناسب.
2. المستشار : حيث يقوم الفلاحين باستشارة المرشد الزراعي ، بجميع ما يتعلق بأمور الزراعة, ونوعية المحصول المراد زراعته، والدورة الزراعية ، واستشارته بالشؤون الاجتماعية التي تتعلق بحياتهم اليومية.
3. المخطط : حيث يقوم المرشد الزراعي بتحديد حاجات المزارعين وفقا للطرق العملية السليمة التى تناسب وضعهم الزراعى ومستوى المهارات والمعلومات التى يحتاجونها ووضع الخطط والبرامج الإرشادية والإشراف على تنفيذها وتقييمها.
4. المنسق : يقوم المرشد بالتنسيق مع كافة الجهات الإدارية الزراعية ذات العلاقة بالنشاط الإرشادي والعمل الزراعي) المصارف الزراعية ، مؤسسة الحبوب ، محالج الأقطان ، مؤسسة الأعلاف...).
5. المنظم : يحاول المرشد الزراعي تنظيم جهود الفلاحين في جمعيات تعاونية توفر لهم الخدمات الزراعية التي يحتاجونها
6. المعلم غير الرسمي : حيث يقوم المرشد الزراعي بإكساب المزارعين المهارات والخبرات اللازمة لفهم وتطبيق التقنيات الحديثة
7. المتصل:يقوم المرشد الزراعي بالتأثير على الزراع وإقناعهم بتنفيذ التوصيات الإرشادية وهذا يتطلب ضرورة تمتعه بمهارات اتصالية.
8. القائد: الذي يستطيع إدارة الاجتماعات الإرشادية مع الزراع
وقف تعيين المرشدين الزراعيين
النقص الحاد في عدد المرشدين الزراعيين، ليس وليد هذا العام، ولا العام الذي سبقه، بل هذه المشكلة بدأت منذ سنوات، وبالتحديد منذ عام (1984)، عقب وقف تعيين أوائل كليات الزراعة مرشدين زراعيين في المحافظات.
وهو ما دفع نواب الشعب خلال هذه السنوات، لتقديم الأسئلة وطلبات الإحاطة والاستجوابات لتدارك هذا النقص، وكان من ضمن هذه الصيحات والتحذيرات، ما كان في مايو من عام (2017)، عندما وجه النائب خالد مشهور، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، طلب إحاطة للمهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء السابق، بشأن أزمة عدم توافر مرشدين زراعيين في مصر.
وأشار مشهور- آنذاك- إلى أن الحكومة أخطأت حينما أوقفت تعيين مرشدين زراعيين جدد، خاصة أننا نعانى من أزمة شديدة في توفير مرشدين زراعيين الآن، مع العلم أننا لدينا (24) كلية زراعة حكومية ومعهدين خاصين، وحوالي مليون مهندس زراعي في مصر، و(60%) منهم يعانون البطالة.
وقال «مشهور»، في تصريحاته حينها، إن عدم توافر مرشدين زراعيين أدى لحدوث تراجع في إنتاج المحاصيل الزراعية المصرية وعدم إخراجها بأفضل جودة كما كان من قبل. وأوضح عضو مجلس النواب، أن عدد المرشدين الزراعيين الحالي قليل جدا بالنسبة لعدد القرى، ويوجد ألفان و130 مرشدًا فقط، يخدمون 6 آلاف و500 قرية.
ونوه إلى أن هناك 4 آلاف و370 قرية خالية تماما من دور المرشد الزراعي. وأكد أن دور الإرشاد الزراعي، من الأدوار الأساسية التي تسهم في تحسين الأداء، لزيادة إنتاج المحاصيل الزراعية والحد من استيراد الحبوب وتقليل نسبة الأسمدة والتقاوي واستهلاك المياه، وتطبيق الممارسات الجيدة في الزراعة.
وطالب «مشهور»- آنذاك- بضرورة زيادة ميزانية قطاع الإرشاد الزراعي، كما كان من قبل، لتفعيل دوره والعمل على زيادة الإنتاج من المحاصيل الزراعية في الأراضي القديمة. وأشار إلى أن انخفاض ميزانية قطاع الإرشاد بوزارة الزراع لـ230 ألف جنيه عام (2015)، مقابل 8,5 مليون جنيه في عام (2014)، ذلك أحد أهم أسباب تراجع دور الإرشاد في خدمة الفلاح، بالإضافة إلى عدم توفير وسيلة مواصلات للمرشدين الزراعيين، وعدم تعيين شباب أوائل الخريجين بالمحافظات لمرشدين زراعيين منذ (1984).
أزمة تعيينات
وقال حسين عبد المعطي، نقيب الفلاحين في محافظة أسيوط، "إن الأزمة بدأت حينما أوقفت وزارة الزراعة تعيين المرشدين الزراعيين في الجمعيات الزراعية، التي كانت تقدّم دوراً تثقيفياً حقيقياً لنا مجاناً في جميع القرى المصرية"، مشيراً إلى أن "غياب أدوارهم تسبب في تراجع حجم إنتاج المحاصيل وجودتها".
وأضاف عبد المعطي، "إن تراجع حجم الإرشاد الزراعي مع الفلاحين كان أحد أسباب اتجاه دول عدة إلى وقف استيراد بعض أنواع الفواكه والخضراوات، مشيراً إلى أن دور الإرشاد الزراعي من الأدوار الأساسية التي تسهم في الحد من استيراد الحبوب وتقليل حجم استهلاك الأسمدة وتطبيق نظم الزراعة الحديثة والمتطورة"
وناشد الفلاحين المصريين بالبحث والاطلاع على أحدث نظم الزراعة والري الحديثة للحفاظ على جودة المحاصيل المستهدفة وحجمها، مؤكداً أن السنوات المقبلة ستشهد طفرة كبيرة في مجال الزراعة، انطلاقاً من توجّه الدولة نحو التوسع في الرقعة الزراعية وتحسين جودة المحاصيل والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي.
وتابع: غياب المرشد الزراعى، يعرقل خطة وزارة الزراعة، فى إعادة هيكلة الحقول الإرشادية المملوكة للوزارة التى تمثل ثروة قومية لنشر أساليب الزراعة الحديثة المتطورة بين المزارعين وتلعب دورًا محوريًا فى زيادة الإنتاج على توفير من 30 إلى 40% من مياه الرى وتقليل التقاوى والأسمدة لـ50% مع زيادة الإنتاجية.
حلول للعودة
وزارة الزراعة قدّمت دراسة وخطة متكاملة إلى مجلس الوزراء لتطوير منظومة الإرشاد واستعادة دور المرشد الزراعي من جديد داخل القرى المصرية، والوزارة كثفت خلال السنوات الثلاث الأخيرة الجرعات التثقيفية عبرالنوافذ الإلكترونية، مما يُعرف بالإرشاد الإلكتروني.
وعدم توافر مرشدين زراعيين أدى إلى حدوث تراجع إنتاج المحاصيل الزراعية المصرية وإخراجها بأفضل جودة كما كان من قبل، وتراجع الإرشاد الزراعى فى مصر كان أحد أسباب اتجاه العديد من الدول مثل روسيا واليابان وأمريكا والسعودية والسودان والكويت وقف استيراد الخضار والفاكهة المصرية لتدنى مستواها، عدد المرشدين الزراعيين الحالى قليل جداً بالنسبة لعدد القرى، حيث يوجد 2130 مرشدًا فقط يخدمون 6500 قرية، وأي أن هناك 4370 تفتقر لدور المرشد الزراعى.