د. علاء البابلي
بالعمل معًا نحقق غذاءً أكثر أمانًا في إفريقيا
يحتفل العالم باليوم العالمي لسلامة الأغذية وانضمام مفوضية الاتحاد الأفريقي إلى بقية العالم للاحتفال باليوم العالمي الرابع لسلامة الغذاء؛ يؤكد على دور وأهمية القارة السمراء والذى يمثل ركيزة أساسية لتعزيز المرونة في التغذية والغذاء الآمن في إفريقيا وأنها لفرصة ذهبية لجذب الانتباه عن مخاطر الأمراض التى تنتقل عن طريق الغذاء، والتى تؤثر بالسلب على صحة الإنسان والنظم الغذائية والأمن الغذائي والازدهار الاقتصادي والوصول إلى الأسواق والتنمية المستدامة.
القارة الأفريقية تعانى من الأمراض التي تنتقل عن طرق الأغذية وما يرتبط بها من مخاوف تتعلق بسلامة الغذاء وما يرتبط بها من أعباء صحية واقتصادية تؤثر بشكل غير مباشر على تنمية وازدهار قطاعي الغذاء المحلي والتصدير في إفريقيا، ونظرًا لأن هذه التأثيرات كبيرة، فإنها ستؤثر على تحقيق أهداف التنمية المستدامة والإلتزامات الواردة في إعلان «مالابو» ما لم تتم التحكم في طرق الغذاء وما يرتبط بها من مخاوف تتعلق بسلامة الغذاء فى إفريقيا، حيث ستصبح المخاوف المتعلقة بسلامة الغذاء ذات أهمية بالغة مع تقدم التطورات نحو منطقة تجارة حرة للقارة مما يتطلب تعزيز أنظمة سلامة الغذاء ضروريا.
بهذه المناسبة تغتنم القارة السمراء تلك الفرصة لإطلاق استراتيجية سلامة الأغذية لأفريقيا التي تمت المصادقة عليها بالدورة العادية الخامسة والثلاثين لمؤتمر الاتحاد الأفريقي في فبراير 2022. أما فيما يتعلق بالتوجهات الاستراتيجية المقترحة لتحسين سياسة سلامة الأغذية والأطر التنظيمية في إفريقيا: (1)
فى الوقت الماضي والحاضر هناك جهود ملموسة قد بذلت بشكل كبير من أجل سلامة الغذاء في أفريقيا للوصول إلى أسواق التصدير الإقليمية والخارجية، مع التركيز على الرقابة من قبل أنظمة الرقابة الوطنية لتسهيل التجارة للحد من الأمراض التي تنتقل عن طريق الأغذية ورفع مستوى سلامة الأغذية في الأسواق الوطنية.
(2)
يعكس هذا التركيز الحالي على الأهمية الاقتصادية للصادرات الغذائية للحكومات الأفريقية، ودور الحكومات الأفريقية في الإشراف على الصادرات وتركيز المانحين الأوروبيين وغيرهم على سلامة الأغذية التي يستوردونها من أفريقيا جنوب الصحراء.
(3)
مع ضرورة الاستمرار في هذه الجهود لأن الصادرات مهمة للاقتصادات النابضة بالحياة والمتنوعة، في الوقت نفسه نؤكد على أهمية التركيز على سلامة الأغذية باعتبارها تحديًا صحيًا أفريقيًا، لا سيما في قطاعي الأسواق البديلة وغير الرسمية حيث يحصل ملايين الأفارقة على معظم طعامهم. مما لا شك فيه، فان هناك من الأدلة الجديدة إلى وجود اتجاه استراتيجي جديد لجهود سلامة الأغذية في إفريقيا، والذي يجب أن يتضمن التوصيات التالية:
• رفع مستوى سلامة الأغذية في جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا على جدول الأعمال لمنظمة الصحة العالمية، وزيادة استثمارات الحكومات والجهات المانحة في سلامة الأغذية للحد من المخاطر الصحية وزيادة البحث وتطوير الاستراتيجيات للحد من تلك المخاطر في الأسواق.
• وضع أهداف وأولويات واستراتيجيات تراعي الآثار الصحية والإنمائية للأمراض المنقولة عن طريق الأغذية حيث ينبغي على الحكومات الوطنية الأفريقية والمؤسسات الإقليمية، في حوار مع مجتمع المانحين، أن تضع أهدافًا قائمة على الأدلة وأولويات واستراتيجيات تراعي العبء الصحي والتأثيرات الإنمائية للأمراض المنقولة عن طريق الأغذية، لا سيما في الأسواق المحلية.
• تطبيق مبادئ سلامة الأغذية والوقاية القائمة على المخاطر، بما يتناسب مع الظروف المحلية والتأكد من أن كل مشروع يقدم مساهمة مستدامة في تحسين سلامة الأغذية كما هو الحال في مصر.
• تسخير محركات السوق للتقدم في مجال سلامة الأغذية، فيجب على الجهات المانحة والحكومات الوطنية استخدام مواقعها ومواردها ودعم وتحفيز محركات السوق للتقدم في مجال سلامة الأغذية.
(4)
نحن بحاجة إلى تحويل النظم الغذائية من أجل صحة أفضل وبطريقة مستدامة فيجب على صانعي سياسات النظم الغذائية والمستثمرين إعادة توجيه أنشطتهم لزيادة الإنتاج والاستهلاك المستدامين للأغذية الآمنة من أجل تحسين النتائج الصحية والتى تنعكس على برامج التنمية المستدامة للقارة الافريقية، لجعل النظم الغذائية الآمنة والصحية في متناول الجميع، يجب أن تعزز سياسات التنمية الزراعية والغذائية والتجارية والصناعية لتعزيز سلامة الأغذية.
على مستوى الحكومات:
• تعزيز التعاون متعدد القطاعات من خلال تشجيع التعاون متعدد القطاعات والمشاركة فيه على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والعالمية، حيث يمكن للعمل المشترك الفعال والشفاف بين الصحة العامة وصحة الحيوان والزراعة والقطاعات الأخرى ضمان توافر الغذاء الآمن في جميع أنحاء العالم.
• التركز على برامج الدعم العام على الغذاء الصحي والآمن من خلال الرقابة على جميع المشتريات العامة للأغذية، مثل المعونة الغذائية والتغذية المدرسية وغيرها من منافذ الطعام المملوكة ملكية عامة، بحيث يمكن للمستهلكين الوصول إلى أغذية آمنة وصحية وجعل الطعام الآمن اختيارًا سهلاً وتشكيل برامج عامة تعتبر أحد أكثر الطرق فعالية وإنصافًا لتعزيز سلامة الأغذية.
• تصميم سياسات قوية وممارسة الحوكمة الرشيدة من خلال دعم تدابير السياسات والأطر القانونية لتعزيز النظام الوطني لسلامة الأغذية والتأكد من امتثاله لمعايير سلامة الأغذية وتقييم النظم الوطنية لمراقبة الأغذية باستخدام أداة تقييم نظام مراقبة الأغذية المشترك بين منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية وإجراء ضوابط منتظمة لضمان استيفاء الأغذية للمعايير الغذائية الدولية التي وضعتها هيئة الدستور الغذائي.
على مستوى شركات الغذاء:
• متابعة التزامات سلامة الغذاء من خلال مجموعة من الأدوات والأساليب المتاحة لمعالجة مشاكل سلامة الأغذية ويجب على كل فرد يشارك في إنتاج الأغذية ومعالجتها وتوزيعها وبيعها بالتجزئة لضمان الامتثال للمعايير لتحديد وتقييم ومراقبة مخاطر سلامة الأغذية.
• تعزيز ثقافة سلامة الغذاء من خلال إشراك الموظفين والموردين وأصحاب المصلحة الآخرين لتنمية وتطوير ثقافة سلامة الأغذية بالاضافة الى تنظيم دورات إعلامية أو دورات تدريبية أو ورش عمل منتظمة على سلامة الغذاء.
• الامتثال لمعايير الغذاء الدولية من خلال ضمان الامتثال للمعايير الغذائية الوطنية والدولية سلامة الأغذية ، وبالتالي توسيع الوصول إلى الأسواق. على مستوى المؤسسات التعليمية وأماكن العمل.
• دعم تعليم سلامة الغذاء، فيجب أن تُدرج الجامعات والمدارس وأماكن العمل التثقيف بشأن سلامة الأغذية في سياسات العافية مع وضع في الاعتبار تضمين التدريب على تعليم سلامة الأغذية كجزء من التطوير المهني.
• تعزيز التعامل الآمن مع الطعام، فيجب أن تضمن قاعات الطعام والمقاصف اتباع جميع لوائح سلامة الأغذية، العمليات وجميع إجراءات التشغيل القياسية ذات الصلة، وكذلك من خلال توفير التدريب المناسب لأي شخص يتعامل مع الطعام.
• الانخراط مع العائلات من خلال إشراك العائلات في أنشطة سلامة الغذاء، مما يسمح لهم بالتعلم وإبلاغ الآخرين أنه من خلال تغيير الإجراءات اليومية البسيطة ، يمكنهم تقليل مخاطر انتقال الأغذية الممرضة.
على مستوى المستهلكين
• الحفاظ المستمر على تعزيز سلامة الغذاء بحيث يتمتع المستهلكون بالقدرة على إحداث التغيير من خلال اتخاذ خيارات غذائية آمنة وصحية لان ذلك يساعد في دعم النظم الغذائية المستدامة.
بهذه المناسبة اتوجه بمجموعة من الرسائل الرئيسية:
• إذا لم يكن الغذاء آمنًا فهو ليس طعامًا: لا يوجد أمن غذائي بدون سلامة الغذاء، فقط عندما يكون الطعام آمنًا؛ فإنه يلبي الاحتياجات الغذائية ويساعد البالغين على العيش من اجل حياة نشطة وصحية ونمو الأطفال.
• الجميع مديرين مخاطر: يقوم الجميع بتقييم مخاطر سلامة الغذاء كجزء من خياراتهم اليومية حتى يتم اتخاذ هذه الخيارات من قبل الأفراد والجماعات من قبل العائلات والمجتمعات والشركات والحكومات.
• تعزيز التعاون يحسن سلامة الغذاء: تتطلب المسؤولية المشتركة عن سلامة الأغذية العمل معًا بشأن القضايا التي تؤثر علينا جميعًا على المستوى العالمي والإقليمي والوطني والمحلي لان التعاون ضروري عبر القطاعات داخل المجتمعات والشركات والحكومات وعبر الحدود، لضمان توافر الغذاء الآمن في جميع أنحاء العالم بطريقة مستدامة الآن وفي المستقبل.
• الاستثمار في سلامة الغذاء اليوم سيجنى ثماره في المستقبل: يحسن إنتاج الغذاء الآمن الفرص الاقتصادية من خلال تمكين الوصول إلى الأسواق والإنتاجية. ومع ذلك ، فإن الأغذية غير الآمنة أو الملوثة تؤدي إلى عدم قبولها تجاريا وما يعقبه من حدوث خسائر اقتصادية بالإضافة الى فقدان الطعام وهدره. لذلك، يمكن للممارسات الجيدة على طول سلسلة التوريد تحسين الاستدامة عن طريق تقليل الأضرار البيئية إلى الحد الأدنى والمساعدة في الاحتفاظ بالمزيد من المنتجات الزراعية.